وسام سعيد
وسام سعيد

د

ما جدوى الرواية؟

ما جدوى الرواية؟ سؤال لطالما لازمني منذ دخلت عالم القراءة الواسع، ومن بين كل الموضوعات التي تغطي حياتنا كبشر، اختار قلبي الرواية. و بين شد وجذب بين محبي الرواية ومحتقريها (إن صح القول)، العديد والعديد من الآراء..

في حب الرواية

بعيدا عن ما تقدمه الرواية من معلومات أو قيمة أدبية، فهي تقدم للقارئ تجربة رحلة مجانية في خياله الخاص وما كاتب الرواية سوى مُرشد.

وغالباً ما تكون الرواية هي الباب الأساسي الذي يدخل الناس عبره إلى هذا العالم الواسع الملقب بعالم الكتب، ولأن التجربة غالبا هي أغنى وأمتع من أن تنسى.

فيصاب القارئ عادة بمس من الكتب، فيتحول من مجرد إنسان إلى قارئ ومن فينا يستطيع أن ينسى تجربته مع كتابه الأول.

لكن بالإضافة إلى ذلك فإن هناك روايات لم تغير نفسية القارئ و حسب، بل غيرت حتى قوانين مازالت سارية ليومنا هذا.

مذكرات محكوم عليه بالإعدام

من منا لا يعرف الكاتب الفرنسي الكبير فكتور هوجو لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو موقفه الرافض لعقوبة الإعدام، و قد عبر عن ذلك في روايته مذكرات محكوم عليه بالإعدام.

ورغم أن الرواية لم تكن سبباً مباشراً في إلغاء عقوبة الإعدام، إلى أنها كانت صرخة  ظل صداها يتردد إلى أن ألغي الإعدام بعدها بقرن من الزمن.

تدور رواية مذكرات محكوم عليه بالإعدام، حول رجل محكوم عليه بالإعدام، يقرر كتابة مذكراته  ويومياته في انتظار تنفيذ العقوبة.

وقد صور فيها فكتور هوجو معاناة وألم الدقائق والساعات الأخيرة قبل الموت ويتجلى ذلك في السطور الأولى من الرواية:

قديمًا، كنت رجلًا كأي رجل آخر، لدى في كل يوم فكرة، بل في كل ساعة، وفي كل دقيقة، وكانت نفسي الغنية الشابة حافلة بالنزوات والتصورات.. لقد كان في خيالي عيد دائم، وكنت أستطيع أن أفكر فيما أريد في أي وقت.. فقد كنت حرًا!

أما الآن، فإني أسير، جسمي مكبل بالحديد في زنزانة، ونفسي سجينة في فكرة مروعة دامية لا ترحم، سوى اقتناع واحد ويقين واحد: أني محكوم علي بالإعدام..

رواية مذكرات محكوم عليه بالإعدام تدحض فكرة أن الرواية تسلية، أو مجرد قصة فقد تكون الرواية صرخة أريد بها انقاذ البشرية، وقد تكون فكرة غفل عنها الناس وقد تكون كلمة حق في انتظار من يناصرها، وهذه الأخيرة هي ما حدث مع روايتنا التالية:

رواية كوخ العم سام

من منا لم يسمع  بثورة العبيد في أمريكا، لكن هل تساءلت يوما مالذي أثارها؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في كلمة واحدة ”رواية”.

بالتحديد هي رواية كوخ العم توم وهي رواية صدرت عام 1852 وتدور أحداث الرواية حول حياة العم توم وهو عبد لإحدى الأسر الإقطاعية مالكه السيد شلبي، وهو مالك رحيم يعامل عبيده بإنسانية لكن مروره بضائقة مالية يجبره على التخلي عن العم توم، وهنا تبدأ رحلة العم توم مع المعاناة.

الرواية وإن كانت بسيطة فقد لامست معاناة العبيد، لذلك فقد  حققت نجاحا باهراً إذ بيعت منها الملايين من النسخ، وقد صنفت على أنها أكثر كتاب مقروء في أمريكا بعد الإنجيل.

تمثل صدى هذا الكتاب في حشد العديد من الاصوات إلى المطالبة بإلغاء العبودية.

قد تحققت المطالب بعد عقد من الزمن أي في عام 1863 على يد الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن.

و يقال أن الرئيس الأمريكي  قد مازح الكاتبة ”هيرييت ستو ” عندما استضافها في البيت الأبيض  قائلاً: هذه هي ”المرأة الصغيرة التي أشعلت الحرب الكبيرة”.

لمَ الرواية؟

لما قد نتفق حول أهمية الكتب الفكرية، وكتب التاريخ ونختلف حول جدوى الرواية؟

ذلك أن الرواية قصة وتختلف الروايات باختلاف القصص وباختلاف طريقة سردها ومواضيعها والغاية من نشرها.

لكن مهما اختلفنا لا يجب أن تختلف عن جدوى الرواية، فكما غيرت الروايات المذكورة أعلاه قوانين، وحياة شعوب فقد غيرت بعض الروايات فكر قارئيها، وأخرى مشاعرهم وأخرى نظرتهم للحياة..