الجوهرة القادري
الجوهرة القادري

د

دروس تعلمتها من تربية الأطفال

إن كان للمرء درسٌ في الحياة، فأولاده _غالباً_ هم المعلمين!

فماذا علمتني الأمومة؟

  1. لكل طفلٍ رسالة:

الإنسان الصغير لا يختار المرور من خلال أمه بشكل عشوائي، فشكله و شخصيته، نشاطه وعافيته، مشاكله ومرضه (لا سمح الله)، هل هو بكّاء أم ثرثار؟ حركي أم هادئ؟، خجول أم جريء؟. كله مصمم خصصا ً لكما (الوالدين). لذلك من الخطأ أن نتعامل مع أطفالنا كلهم ببديهية واحده. فكل واحد منهم أتى لغرض و رسالة مرتّب لأجلها مسبقا ً. وكلما فهمت رسالته أسرع، كلما سهّلت التعامل معه. و يحدث آحيانا أن يعبرنا أطفال لا نفهم لم هم هكذا؟ فتتسائل الأم لم هذا العناء؟ لم هو بهذه الشخصية المختلفه؟ لكن تذكري أنه يعلّمك مالم تدركيه من نفسك أو الحياة.

مثال: معظم الإنتقادات التي نوجهنا لأطفال آخرين و أهاليهم، نجد أنها تجسدت في أطفالنا من حيث لا نشعر. وكثير من مخاوفنا تطفح على السطح في صورة أولادنا. فقد كنت بحاجة لتلقي هذا الدرس وها هو ظهر المعلم.

2. هو مُصَمم لتربيتك آولا:

وهي صفعة لا يدركها الآباء . نعم هو يُربيك ، يجعلك أكثر انتباها ً لتصرفاتك و أفعالك .فمثلاإن كنت مدمن وجبات سريعة، تبدأ ( بسحب فراملك ) و التخفيف من حالة الإدمان . لأن أولادك سيتناولون ما تتناوله .و إن كنت ِ امرأه فوضوية ، فغرف أولادك ستكون في حالة فوضى بشكل مباشر و دائم . و يحدث أن لا يكون للأمر علاج حتى تتخلصين أنتي من هذه الحالة . كما أن مناعة أولادك الصحيه لن تزيد مهما شددتي عليهم بالفيتامينات و الأكل الصحي إلا عندما تهتمين أنتي بصحتك في المقام الأول.

3. انعكاس واضح و صريح (أولادنا مرآتنا):

الأمر يشبه الشريك ( الزوج )، و الذي هو غالبا أول شخص يكشف السواد و السلبيات التي بداخلنا . فأول انزعاج في شهر العسل هو أول خوف بداخلنا أظهرته مرآة الشريك . و الجرافة ستستمر بالحفر في أعماقنا حتى ننتبه أن الموضوع لا يخص شركائنا بقدر ما يخصنا نحن . و كذلك هم الأولاد . يعكسون مخاوف آبائهم ، فمثلا : هناك آباء تغضب بشدة من مستوى الدراسي لأولادها و تبالغ في الحرص عليه ، فهم يعبّرون عن حاجة نفسية للتميّز و لفت الانتباه . بينما هناك آباء يقبّلون راس أولادهم بمجرد ما يقرأون كلمة ناجح . الأمر هو مجرد اختلاف في المخاوف الداخلية بين هاذين الأبوين .

مثال: أولادي كلهم في طفولتهم المبكرة ( الثلاث سنوات الأولى ) يعانون من الخجل و الخوف من الناس و يبكون كثيرا ً عند مواطن الإزعاج و الصخب العالي . في الواقع هم يشوهون عليّ كل مناسبة أو حفلة أحضر اليها . و في نهاية المطاف أتوارى عن أنظار الناس لتهدئتهم و لا أقضي وقتاً مرتاحا مع أحد . لما فتشت خلف هذه المعاناة ، فالجواب كان واضح : أنا أصلا ً لا أحب هذه المناسبات ، و لا أميل للحياة الإجتماعية ، و الصخب البشري ، و ماحدث أن أولادي كانوا انعكاس صارخ للحالة النفسية التي أعبرها . هم الصرخة المكبوته بداخلي : نريد أن نخرج حالا ً .

ومثل أن يكون أحدهم معلم لغة عربية لكن أولاده يتأخرون_ قليلاً _عن أقرانهم في القراءة و الإملاء

المعادلة هي كالتالي:

ماهي انزعاجاتك حيال أبناءك ؟ = مخاوفك الداخلية التي تحتاج للعمل عليها و التخلص منها

4. مع الأولاد كل يوم يأتي هو أسهل من اليوم اللذي قبله:

في تربية الأطفال _ بنسبة كبيرة _الأمور تغدو أسهل مع الوقت ، فالطفل الذي كان معتمد 100% على والديه في تلبية حاجته ، ستغدو هذه النسبة أقرب للصفر في يوم ما ( و بإذن الله ) ، و بإمكان لمس هذا الفرق بمجرد ولادة الطفل ، فأول رضاعة هي الأصعب ، و أول شهر هو الأكثر جهداً ، و تتقلب النسبة أثناء فطام الطفل ، و تعليمه الحمام ( أعزكم الله ) و كذلك اليوم الأول للمدرسة . ثم تغدو الأمور أسهل فأسهل مع مرور الوقت . و قد يحدث هبوط حاد أثناء فترة المراهقة ليشعر الوالدين أن الأمور تعقدت بشكل مفاجئ و من جديد ، لكن أطمئنك أنها مسألة وقت ، تحتاج فيها أن تفهم هذه المرحلة النفسية لطفلك لتعبراها معاً بأمان

5.للأطفال ارادة و مشيئة:

مهما أردت لهم أن يكونوا ، فإن أحلامك ستتحطم إن لم يكن طفلك موافق عليها . حتى وهو صغير ، تجده يقرر أن يتأخر في الكلام عن أقرانه مهما بذلت له من جهد ، أو ربما يتأخر في القراءة مهما علمته و زودته بالكتب و الفعاليات .كما قد يقرر طفلك المراهق أن يكون قليل النظافة و فوضوي و لا تملك الحيلة لتشرح له قذارة البيئة التي يرقد فيها ، لذلك بإستثناء الارشاد و التوجيه و توفير الوسائل المساعده ، فإنك لا تملك من الأمر شيء ، و توقف عن لوم نفسك جراء أي تأخر يقع فيه أولادك . كن واثق من سير العملية كلها ، و أن كل شيء سيمضي في طريقه إلى أفضل احتمال يناسب الجميع .

هذا كل شيء في خاطرتي لما علمتني الأمومة .

وأنت ماذا علمتك؟ شاركني في التعليقات..

مصادر الصور:

https://www.freepik.com/