عبدالله الأحمري
عبدالله الأحمري

د

اختلاف الأجيال وخلاف الأجيال ..

لا زال التراشقُ بين الأجيال قائم وفي أوجّ حدّته، وتحت هذه الغمامة المليئة بالمقارنات فإنّي أحببت التعبير عن رأيي بصدقٍ وواقعية إزاء سنوات خدمتي في التعليم.
إنّ الأجيال الجديدة أو جيل الألفين جيلُ الجرأة بالتجارب، الطموح بالمعالي، متنوّعٌ الاهتمامات، قويّ بالدّفاع عن حقوقه المكفولة شرعًا وقانونًا، جيلٌ يرفض التبعيّة الجاهلة، بل يشقّون طريقهم بالتعلّم وتنوير البصيرة في كتاب الله وأحاديث رسوله الكريم ، والتزامهم بالعادات والتقاليد المحمودة ، ولديهم مهارات عالية ومستويات تفكير عليا ، ولدى كثير منهم حب للقراءة والكتابة والنقد والبحث ، ولديهم تساؤلات وإجابات وأفكار مٌبهرة في مجتمعات التساؤل داخل الصف المدرسي ، ثقافتهم وفكرهم يبهر ، ومشاركة المئات منهم سنويًا في المحافل الدوليّة، آخرهم مُشاركي ISEF 2022 الذين جاؤوا للوطن باثنتين وعشرين جائزة عالميّة في منافسةٍ شرسة.
لسنا بصدد إنكار وجود أخطاء بشرية أو سلوكيات غير محمودة، فأنا -بصفتي أحد منسوبي التعليم- شاهدت ولمستُ فيهم الاحترام للعائلة وللمجتمع، ويملكون حماسة التعلّم والشواهد كثيرة.
السبب المؤرق أنّ ضعف استيعاب بعض المربّين والآباء لنمط حياة هذا الجيل وتحدّياته الصعبة على كافة الأصعدة هو ما يدفعهم لافتعال جدالٍ مستمر وتثبيط معنوياتهم وحيل تربية تقمع طاقاتهم الكبيرة التي وُجدت فيهم لمجاراة هذا النمط ، فتحوّل العالم من جيلٍ أو أجيال تعتمد على وسائل معيشة محددة إلى جيل مقبلٌ وبقوة نحو التكنولوجيا والتقنية.. فعنّ أي مقارنة نتحدّث؟
حين نريد لهؤلاء الأبناء أو -جيل الألفين- الرضوخ لنسخة مشابهة لنا بكل التفاصيل باعتقادنا أن ما نراه وعايشناه سابقًا صحيحًا فإننا نرتكب خطأ جسيما، في الحقيقة المفارقة بين تجارب المربّين والآباء والأجيال السابقة مع الجيل الجديد ظالمة. فما جرّبناه مغاير عمّا هم بصدد تجربته.
نمرّ في الصرح التعليمي والتدريسي بالكثير من المواقف التعليمية والتربوية مع الأجيال الجديدة التي ننبهر منها تارةً، ويتّّسع بها أفقنا تارةً أخرى، إنهم جيل يُعلّم ويتعلّم ونحن نتعلّم منهم.

فبالتالي بدلًا من مهاجمة هذا الجيل وتضييق الخناق عليه يجب أن نبحث في حاجاتهم ورغباتهم واحترامها وضبطها بمرونة أولًا، واحتواءها وإشباعها لنصل إلى عقد سلام يجنبنا كل مرة البحث عن عقوباتٍ مضى عليها قرن لنطبّقها عليهم، أو نكون جماعة مصدّري أحكام بلا فكرٍ ولا منطق ولا إنصاف، فنحن نسعى إلى وصولٍ يطوّر شخصياتهم وينمّي مهاراتهم وقدراتهم، وتحفيزهم ليتقدموا ويستلموا دفة نماء الوطن بالعز والفخر، لا بالتوبيخ أو الاستخفاف والتقليل.
أخيرًا؛ يختلق المربّون في كل جيل ومرحلة عقبات وإشكاليات وتعقيدات وهواجس يعلّقون عليها ضعفهم في احتواء الجيل الجديد الذي يعايشونه بدلًا من مساندتهم لمواجهة التحديات، فنحن لا ننكر أن التربية تحدي وتعب وإرهاق، ولكن ماذا أعددنا لها على المستوى الاجتماعي والأسري، والتربوي، والمعنوي، والنفسي؟ وماذا رصدنا لهم من وقتٍ ومالٍ وجهد واستثمار وبرامج، وترفيه، واحتواء عاطفي ، ومعنوي.. إلخ؟
الإجابة على هذه التساؤلات هي من ستعطيك نتائج جهدك وعملك واستثماراتك على أبناءك..

نقطة آخر السطر..
جيل الطيبين جيل الأجداد والآباء هم جيل عصامي عظيم ولهم فضل كبير لا يقدر بثمن على من بعدهم..
فهم خيرنا وبركتنا وهم حجر الأساس لما وصلنا نحن إليه اليوم من إنجازات نفخر ونسمو بها..

عن طريق فهم الاختلافات بين الأجيال نكون قادرين على بذل وقبول الحب الذي في قلوبنا بنجاح أكبر.
وبالمصادقة على اختلافاتنا وتقبلها ، يمكن أن تكتشف حلول إبداعية نستطيع بواسطتها أن نحصل على ما نريد.
والاكثر أهمية ، نستطيع أن نتعلم كيف نحب أبناءنا وطلابنا وكل من ينتمي لهذا الجيل الجديد الذين نهتم بهم ونساندهم بشكلٍ أفضل.
الحب إذا أعطيناه لهذا الجيل الجميل سيدوم وسيعطي أثرًا ونتائج مذهلة إذا تذكرنا الفروق بيننا..
وتذكروا كل الأجيال ليسوا معصومين من الأخطاء ، ولكنهم يكملون بعضهم البعض ليعمروا الأرض وليبنوا أوطانهم..

كونوا بخير ، ودمتم سالمين..