أفنان راشـد
أفنان راشـد

د

شعلةٌ لا تنطفِئ!

إن سُئلت أرواحُنا عن أي شيءٍ نُحب وبعشقهِ نهيم؟!
بلا ترددٍ سنجيب: مجهرٌ بهِ نُبصِر، قلبٌ يتدبر، وعقلٌ يتفكر، عن علمٍ علمنا أن نستمتعَ بأدقِ التفاصيلِ وأصغرها، أننا خُلقنا لنعمر الأرض ونُصلحها، أننا لم نُخلق عبثاً، و(لا يُكلفُ الله نفساً إلا وسعها)، لإننا أحيائيُون بقدرةِ قادِر نصنعُ من الأرضِ الجرداء، جنةً خضراء، أينما وُجدنا وُجدت حياةٌ مشرقة، إن كان طموحنا أن نبلغ عنان السماء، فلا نبرحُ حتى نعانقَ النجوم، ثقتنا كشجرةٍ تأصلت جذورها في أعماقِ التربة، لا الرياحُ العاصفة ولا الظروف القاسية تستطيع اقتلاعها، أينما حللنا نُزهِر، لا يمكن لكائنٍ ما أن يُساومنا على أهدافنا، على نجاحنا مراهنون، وبخُطانا واثقون.
تحت عدسةِ المجهر أخبرنا كائنٌ دقيق أنَّ هناك تفاصيلَ صغيرة يجبُ أن تُدرك بعينِ العقلِ وتُعاش، لا يتزعزعُ عن هدفهِ ولا يميل، والاستسلام بهِ لا يليق، إن لم تلائمه البيئة التي خُلقت لأجله، فسيُصقلُ قدراته، ويسعى بكلِ ما أوتيَ من قوةٍ لأجلِ البقاء، لإننا أحيائيون.. مؤمنينَ بأننا خُلقنا لنعيش الحياة بأفضلِ وأروعِ طريقةٍ ممكنة، تجرعنا مرارةَ الألم لكننا لم نعُد نهابه؛ ممتنين لله على كل تلك التفاصيل الصغيرة التي لا يدركها سوى أولي الألباب، مؤمنين أنّ أجورَ أعمالنا لا تضيعُ أبداً البتّة، خُلقنا لنؤدي الأمانةَ التي أبتِ الأرضُ والجبالُ أن يحملنها، أن نتعلم ونُعلِم، فلا نكونَ (كمثلِ الحمارِ يحملُ أسفاراً)، والأهم أن لا نبقى في الدُنى صفراً.

نحنُ الأحيائيون.. قومٌ لا تهزهم الرياحُ العواتي، إن غابت شمسُ الكون، فستشرقُ شمسُنا، نعلم يقيناً أنّ حياتنا يجب أن تكون فريدة؛ فتوجبَ علينا أن نقدرُ فيها كلّ لحظةٍ ودقيقة، نسيرُ بعزمِنا متوكلين، للقادمِ متأهبين، بعطايا المعطي الرازق واثقين، فأما من يأس من رَوحِ الله فقد خسرَ وخاب، وإن سألتنا عن الغد ياصديق، فقد حددنا الغاية والطريق، لا نرتابُ بقدرِ أنملةٍ بأنّ من وهب أصغر كائنٍ على هذهِ الأرض محياهُ، ومأواه، وغذاؤه، يعجزهُ رزقنا، إنما سيرزقنا أضعافَ ماترجوه أنفسنا وتتمناه، نحنُ الأحيائيون بأيدينا شُعلةٌ لا يمكنُ أن تنطفئ، عن علمٍ جمعَ شتّى العلومِ في مكانٍ واحد، عن علمِ الأحياءِ نتحدث.