مدونات أراجيك
مدونات أراجيك

د

مسلسل «The Handmaid Tale»: الرق مِن أجل النساء

تدوينة: إيمان مصطفى

منذُ وقت طويل مضى تم إلغاء الرق والعبودية بكافة أشكالها المتعارف عليها، وجاءت القوانين الدوليّة والاتفاقيات بمنع الرق نهائياً في العصر الحديث، وأقرت بحق الإنسانيّة كلها في تقرير مصيرها الشخصي بيدها لا بيد أشخاصٍ آخرين.

وترجع أصول منع الرق إلى بريطانيا في إصدار قانون إلغاء العبودية في بريطانيا العظمى لعام 1807. حيث أن بريطانيا العظمى كانت مِن أكبر الدول التي يوجد بها كل أنواع وأشكال الرق المتعارف عليها وارتكبت أفظع الجرائم في حق الانسانية.

ونصّت اتفاقية جينيف في ٢٥ سبتمبر ١٩٢٦ على منع وقمع تجارة الرقيق في العالم وعدم شحن الارقاء إلى أي بلد من البلدان. ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨ الذي ينص في المادة الرابعة على أنه:

«لا يجوز استرقاق أو استعباد أحد، فلا بد مِن القضاء على العبودية بكافة أشكاله».

أما عن الأديان، فالشريعة الإسلامية لم تحرّم الرق، لكنها اعتبرته مِن الأعمال المكروهة وقيدته ولم تجز استرقاق المسلم ولا غير المسلم في حالة دفع الجزية. وشددت على ضرورة حسن المعاملة، وجعلت مِن فكّ الرق أكثر أعمال الخير المُحببة، وجعلته كفارة لكثير مِن الخطايا.

أما عن الديانة اليهودية فهي تبيح الاسترقاق لمدة سبع سنوات، ويمكن تجديدها بموافقة العبد، كما أن المسيحية أتاحت الرق أيضاً ووضعت قيود له أهمها حسن المعاملة.

ثمّ جاء مسلسل «The Handmaid Tale» عن قصة الكاتبة “مارجريت أتوود” الذي تمت كتابته عام ١٩٨٥، ثم في عام ٢٠١٦ تم الاستعانة بـ “بروس ميلر” لتحويل الرواية إلى مسلسل مِن انتاج شركة Hulu.

يأتي المسلسل ليُبين شكل جديد مِن أشكال الرق الحديث يجمع ما بين اتفاق الديانة المسيحية واليهودية على فكرة الرق ولكن الرق فقط مِن أجل النساء.

يبدأ المسلسل بحرب أهلية في أمريكا غيرت شكل الحكومة الأمريكية وجعلتها في يد جماعة تسمي نفسها باسم «جيلعاد» هي جماعة أصولية تدعوا إلى إلغاء كل مظاهر الحداثة الموجودة في المجتمع الأمريكي وهي في الأصل جماعة مسلّحة تتعامل مع كل أشكال الرفض عن طريق السلاح.

في البداية كانت تدعوا إلى العودة الطبيعية في زيادة نسبة المواليد بسبب الانخفاض الملحوظ فيها مما قد يؤثر بشكل سلبي على التعداد السكاني، ولكنها قوبلت بالرفض التام مِن قبل المجتمع الأمريكي الذي يرى أن هذا حق من حقوقه بإحضار طفل إلى هذا العالم أم لا.

فكرة المسلسل مبنية على مصطلح الأمة أو بمعنى آخر «المنجبة» أو الوعاء القادر على الحمل بشكل طبيعي، عملت جيلعاد في البداية على جمع كل البيانات الخاصة بالنساء القادرة على الانجاب دون تدخل طبي، ثم بعد ذلك عندما سقطت الولايات الأمريكية تحت سلطة جيلعاد قامت بجمع هؤلاء النساء تحت سلطة نسائية لتعليمهم السمع والطاعة.

وكانت مهمة الأمُة عند قائد مِن قادة جيلعاد أن تنجب له طفل غير قادرة زوجته العاقر أن تنجبه له، وحجتهم الشرعية في هذا هو الآية التي تتحدث عن راحيل زوجة النبي يعقوب:

“فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب، غارت راحيل مِن أختها

وقالت ليعقوب: هب لي بنين، وإلا فأنا أموت

فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال: ألعلّي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن

فقالت: هوذا جاريتي بلهة، ادخل عليها فتلد على ركبتي، وأرزق أنا أيضاً منها بنين

فأعطته بلهة جاريتها زوجة، فدخل عليها يعقوب”

(سفر التكوين الاصحاح الثلاثون)

تلبس الأمُة اللون الأحمر فقط كدليل على الخصوبة مثل مجدولين، وتلبس زوجات القادة اللون الأزرق مثل السيدة مريم العذراء دليل النقاء.

ولكنه كان اغتصاب بكل ما تحمله الكلمة مِن معنى، إذ منع عن النساء في دولة جيلعاد القراءة بشكل كامل حيث مَن تقرأ يُقام عليها حد بقطع الأصابع ثم القتل في بعض الحالات.

أما عن الفئة الأخرى مِن النساء وهنّ نساء المستعمرات اللذين يعملون في مستعمرات النفايات النووية غير الآدمية عقاباً لهم على ما اقترفوه مِن إثم، فإنّ دولة جيلعاد لا تختلف كثيراً عما نراه اليوم مِن دولة الدواعش في حق المرأة أو جماعه طالبان فيما مضى أو السلطة الإيرانية الحالية.

وكأن الأديان الابراهيمية جاءت فقط لتطبقها المرأة ويكون الرجل فقط هو الحارس عليها حتى يتأكد مِن خلو المرأة مِن الآثام!