هيثم عمر
هيثم عمر

د

شكراً خطَّ دفاعنا الأزلي والأبدي

اليوم هو الواحد والثلاثون من الشهر الثاني عشر لعام 2020. أي آخر يوم في عامنا هذا ( 2020 )…ساعات قلائل تفصل بين انقضاءه وحلول عام جديد…

أسابق الزمان والساعات لأخطَّ آخر كلماتي لهذا العام، على الأوراق البيضاء، معشوقتي منذ الصغر وحاوية ذكرياتي وأحاسيسي المختلفة والكثيرة…

سينقضي هذا العام بكل ما فيه من مآس وعبر…بأفراحه وأحزانه…وسيحل علينا عام جديد، لا ندري أيكون أفضل من سابقيه أم أسوأ…أيحل علينا بالخير أو يحل علينا بمصيبة جديدة تمحق الوجود البشري كلّه…

حجرنا…توقفت أعمالنا…فقدنا أحبتنا…وزارنا الاكتئاب والملل كثيراً…خلال هذا العام

فخلاله…أيقنا أننا ضعاف جداً…وأن ما وصلنا إليه من علم وعمل لا يغنينا عن القضاء إن حلّ بنا بالخير أو الشر…

خلاله…أيقنا أن السلاح لا ينقذ أرواحنا…

خلاله…أيقنا أن سبل النجاة كثيرة…لكنها تتطلب منا التضحية بالكثير لنحافظ على القليل…

وخلاله…أيقنا أن علمنا قليل ومعرفتنا محدودة…والعالم كبير واسع، لا حدود لاتساعه…

فالعاقبة الحسنة…لمن اتقى، ومن عالمنا وتجاربنا اعتبر…وللقادم أعدّ العدة واستعد

والعاقبة السيئة…لمن تكبر، وعن العبرة والموعظة أعرض، ولمن لم يعد العدة للقادم.

شكراً خطّ دفاعنا الأول…

من الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الطبي، أينما كنتم…شكراً لكم…من قدمتم بشجاعة أرواحكم دفاعاً عن أرواحنا…وشكراً لمن آثر عائلاتنا على عائلته…ورحمة الله على من فقدُ شهيداً للواجب…

لكنني لن أكثر في شكركم – مع شديد علمي ويقيني بأن الواجب يملي علينا ما هو أكثر من الشكر والعرفان لكم – فقد ذكركم الكثير وأثنى عليكم العديد…

لأن من واجبي أن أشكر وأشيد كثيراً بخط دفاعنا الأزلي والأبدي…خطٌ كان الدافع والمدافع عن الإنسان منذ وجد على وجه الخليقة، لولاه ما وجد خطُّ دفاعنا الأول، ولولاه ما كنت هنا أصف الكلمات وأرتبها في مقال يثني عليهم ويكثر من شكرهم…

إنه المعلم…

المعلم الذي قال فيه أمير الشعراء – أحمد شوقي –

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا

كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي

يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ

عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى

أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ

وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا

فكيف لا أشكره، وأفيض في ذكر آثاره وفضائله…وهو الذي أنشأ يعطي ويفني نفسه…في سبيل الإنسان والوطن

هو مبدأ كل حكاية…فالمهندس والطبيب وغيرهما، من الجهل والظلام بدأوا، ولولا يد جاءت من النور وبالعلم قادتهم إلى النهاية المشرقة، ما وجدوا.

ولولا المعلم، ما ثقفت قولاً أبداً…ولولا المعلم ما ذقت جمال الكتابة والقراءة بالعربية…

لولا المعلم، لبقيت عقولنا في الظلام تتمرغ…ونحو الجهل المطبق تسعى.

المعلم شمعة تُطفأ لتضيء حياة إنسان آخر…المعلم كتاب يُنهل من علمه وتجاربه…

المعلم قائدٌ يَصنع من الجهل والتخلف تحفةً لا تقوم الأمم والدول إلا عليها.

فالقائد تلميذ للمعلم…والمهندس تلميذ للمعلم…والطبيب تلميذ للمعلم…والإعلامي تلميذ للمعلم…والجندي تلميذ للمعلم أيضاً…

لذلك اعلم أنه مهما علت وارتفعت مراتبك وشاراتك، فإنك تلميذ للمعلم…واعلم أنك كنت أعمى العقل والبصيرة، فأعطاك المعلم السبيل للرؤية والتعلم…

وخلال الأحداث الكثيرة والمؤلمة التي عايشناها خلال عامنا هذا، بقي المعلم على عهده. يعلم الصغير والكبير، متحدياً الظروف كلها…

يلاقي أشد المصاعب في سبيل فكرة قد تلهم شعباً وقائداً

فشكراً لك معلم الناس الخير…وشكراً لك يا من افنيت روحك وعلمك في سبيلنا…ورحمة الله عليك معلمي، فأنت شهيد الفكرة والعلم…

فأشكر معلمك واحمد الله على نعمة العلم…

فلولاه ما كان لنا أن نجابه آثار الجائحة التي ألمت بنا بمختلف أطيافنا ومواقعنا

شكراً معلمي…