نوف العوفي
نوف العوفي

د

موسيقى السالسا.. رقصة الحواس!

الرقص على نغمات موسيقى السالسا يشبه الاستمتاع بأكل صلصة التوابل الحارة، أو صلصة الهالابينو الحاذقة بجانب وجبتك المفضلة.. إذ تجعلك منغمساً مستلذاً بلحظات الاستماع لموسيقى متنوعة التضاريس والنكهات، ولذلك سميت سالسا كمصطلح تسويقي أو للدلالة على الإثارة مِن خلال طعم السالسا الحارة!

لقد صنعت أمريكا اللاتينية مجدها الخاص مِن خلال علاماتها الفارقة في عالم الموسيقى، فعند ممارسة رقصة السالسا المفعمة بالفرح والانوثة، أشعر بالسيطرة الكاملة على جسدي ومزاجي لعدة ساعات.. عند ممارسة رقصة السالسا ستكون منبهراً بنفسك تجاه خفة خطواتك وتموّج يداك مع الهواء.. لذلك أجدها رقصة الحياة والدفاع عن النفس تجاه الإحباطات والحزن.

جرّب أن تستمتع لموسيقى السالسا.. سترقص رغم جهلك بالخطوات الصحيحة للرقص. ستشعر أنك ملك اللحظة كما فعلت حال البدء في كتابة هذه التدوينة قمت بتشغيل أحد أشهر موسيقى السالسا الكولومبية حتى شعرت بتدفق الكلمات على نغماتها وتشكلت حالة من التناغم  بين الكلمات وروعة نغماتها المتنوعة بين موسيقى الجاز والطبول الإفريقية الشعبيّة.

تُعد رقصة السالسا إحدى السبل السهلة لبلوغ حالة الحرية والنسيان.. تستطيع في ساعة من يوم تراكمت فيه الأعمال الروتينية المملة والمشكلات المعقدة، أن تظفر بحالة من المتعة التي يلزمها فقط مساحة متوسطة، والبحث على برامج الموسيقى المتنوعة عن موسيقى السالسا الكوبية أو الكولومبية التي تعد من أجود أنواع موسيقى السالسا التي ستشعر من خلالها بالخفة والطيران والانتماء لشعوب الرقص، والقهوة، والسيجارالكوبي الفاخر.  

لقد اخترع شعب أمريكا الجنوبية كل الأدوات اللازمة للمتعة، فلا يمكن أن تخلو شوارع كولومبيا، كوبا، الاورغواي، من مقومات السعادة المتعلقة بالموسيقى والرقص والقهوة..

فمع نمو إنتاج القهوة  في كوبا، أصبح المشروب جزءًا من الهوية الوطنية؛ فليس من المستغرب أن حتى أولئك الذين لم يزوروا كوبا من قبل ربما سمعوا مرة أو مرتين على الأقل عن مقهى كوبانو. لكن بالطبع، هناك ما هو أكثر في ثقافة القهوة الكوبية من مجرد مشروب واحد.. إنه مقهى كوبانو مزيج من الذاكرة التاريخية للبلاد ومكان للمتعة والحديث والرقص.

 يقول «كونر غوري» كاتب ومؤسس مكتبة هافانا كوبا ليبرو:

“لكل منزل منزل”، “حتى أكثر الناس تواضعًا في كوبا يقدمون فنجانًا من القهوة للزوار ومقطوعات من موسيقى السالسا -بغض النظر عما إذا كان هذا هو الجزء الأخير من أرضهم وهم لا يعرفون متى وأين سيحصلون على المزيد”.

حيث تُعد موسيقى السالسا الابن الكوبي في المقام الأول، وهو مزيج من الإسباني والغيتار والإيقاع الأفرو-الكوبي، اندمج مع أنماط الموسيقى في أمريكا الشمالية. لكن المستغرب أنها ولدت للمرة الأولى  في مدينة نيويورك خلال الستينيات بسبب نتاج مختلف الأنواع الموسيقية بما في ذلك الابن الكوبي مونتونو، غواراشا، تشا تشا تشا، مامبو،  حيث كانت فرق السالسا الأولى في الغالب الكوبيين والبورتوريكيين الذين انتقلوا إلى نيويورك منذ 1920. انتشرت الموسيقى في نهاية المطاف في جميع أنحاء كولومبيا وبقية الأمريكيتين.

السالسا تضع بورتوريكو على خريطة العالم..

في أمريكا اللاتينية هناك العديد من الجزر أو الدول المغمورة غير ذائعة الصيت بالنسبة للعالم لكن الموسيقى الفلكلورية  تُعيد إحياء تاريخ بلادها مثلما فعلت موسيقى السالسا حينما عرفت العالم بجزيرة بورتوريكور المستقلة بذاتها الواقعة بالقرب من جمهورية الدومينيك والتي يعتبرها الكثير جوهرة الكاريبي.

كل تلك المقومات الساحرة لم تقدمها للعالم سواء من خلال أسطورة موسيقى السالسا Jose Luis Feliciano Vega المولود في عام -2014-1935.

لقد استطاع (تيشو) كما يلقبه أبناء بلده اظهار مسقط رأسه للعالم من خلال موسيقى السالسا حتى أصبح هناك مهرجان للموسيقي اللاتينية والعالمية يُقام كل عام في قلب العاصمة سان خوسيه.

رحل تيشو وترك أرشيفاً حافلاً من موسيقى وأغنيات السالسا سيذكره العالم من خلال موسيقاه  الأصيلة، والعصرية التي نشعر من خلاها بالانتماء الكامل للثقافة الكاريبة المفعمة بالحب، والنضال، والفرح. لقد فقد ابناء بورتوريكو ابنهم الأحب وسفيرهم الوفي لجزيرتهم المنعزلة خلف المحيطات الزرقاء الأخاذة، لكنهم سيعيشون بقية حياتهم مستمتعين بموسيقى تيشو الساحرة والحاضرة في ذاكرتهم إلى الأبد..