نوف النهدي
نوف النهدي

د

الغرض من وجودنا على الأرض؟

أجريت حوار مع إحدى الأصدقاء حول غاية وجودنا وكانت تتمحور أن الله خلقنا لعبادته وأيضاً لعمارة الأرض وأنها عملية تكافلية وتعني في علم الاحياء “يعيش أحد الكائنين داخل أنسجة الكائن الآخر” في تحقيق المعنيان، وكان نقاش عميق وحاد إلى درجة أنها غير قادرة على الفهم بأن الأمرين مرتبطين مع بعضهم البعض والأدلة واضحة، تحفظت عن رأيي فأعلنت انسحابي بطريقة ذكية وإلى اليوم لم أنسَ حواري معها بغض النظر عن ردة فعلها التي كانت في غاية الإستفزاز. 

ولكن تذكّري للحادثة جعلني أجري أبحاث حول أفضل الكتب الشهيرة الدينية، وصادف مروري أنها لأبو القاسم الاصفهاني من كتابه الشهير “تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين” وذكر أن الله تعالى قد أوجد ثلاثة أنواع من الأحياء؛ نوعاً لدار الدنيا وهي الحيوانات ونوعاً لدار الآخرة وهو الملأ الاعلى. توضيح معنى الملأ الأعلى الملائكة ونوعا الدارين هو الإنسان، وكما قال أبو القاسم الإنسان واسطه بين جوهرتين ثمينتين: وضيع كل حيوان ورفيع وهو ملائكة، وهنا يذكر الحيوان شجاعته وتكاثره والملائكه في العقل و التدبر.

وهنا يتبين أن الانسان يتطلب منه أن ياخذ من كل شيء جميل صفة بغض النظر عن الصفة السيئة التي تكون في الحيوان ومنها الشراسة والغدر.

وهذه المقارنة التي ذكرها أبو القاسم في نظري في غاية الأهمية لفهم معنى الوجود الحقيقي لنا كبشر وعدم خلط بين معنيين مهمين أولهما مقصد من خلق الانسان وهي العبادة والأخرى عمارة الأرض والتي دلت عليها (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلْأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) وأيضا قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) فكيف نحقق مفهوم التعارف اذا لم نبني الأرض ونستعمر فيها؟

ومادام أن الإنسان بكيفية جيده فإنه مؤهل لتحقيقها إن فهم الدقيق من غاية وجوده هو سبب كافي لإدراك أن تدبيره لأمر دنياه عائد إلى مفهومه للمعنين وعماره الأرض يقصد به بالمأوى الذي يأوي به الانسان ويكون فيه آمن عن كل ما يؤذيه.

لقد تأملت هذه المدونة ما يقارب عشرات المرات وعاودت قرأتها أكثر من خمسة مرات فوجدت أن في داخل كل إنسان منا ملاك وشيطان صغير يتصارعان لصنعه فتارة ينجح الملاك في دفعه نحو البر والخير والطاعات  والنجاح والعطاء المستمر، وتارة أخرى ينجرف ويبرع الشيطان في نيله وتشتيت أنتباهه وقيادته لأمور الشر والانانية والتحيز والحسد. 

مساحة خاصة: هل في مرة شعرتم بذلك الاحساس؟ وإن شعرتم شاركوني في أسفل التدوينة شعوركم ويمكنني أيضاً أن اتحفظ عن نشرها.

“والمقصود من هذا كله أن معرفة قوانين النجاح في الدنيا مبذولة لكل أحد، أما النجاح في الآخرة فشرطه الإيمان بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.. والله أعلم”