سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

نسختنا الخاصة عن كل شيء

لكل منا نسخته الخاصة بكل شيء قد تتشابه أحياناً مع بعض النسخ، ولكنها أبداً لا تتطابق.
ومثال على ذلك ما قاله دان براون عن أن الكاتب يقوم بكتابة قصة واحدة، ولكنها مع كل قارئ تتحول لقصة أخرى مختلفة عن أي قارئ آخر.

كل منا يرى الأمور من منظوره الخاص، ومن خلال انطباعته وأفكاره التي كونها طيلة حياته، وبناء عليها يكون رأيه مختلف تمام الاختلاف عن الآخرين. فنحن لا نتشارك نفس العقلية ولا الأفكار حتى لو تشابهت بشكل كبير.

مفهوم الحياة نفسه لا يتساوى لدى الجميع، فتجد كل شخص يعمل أو يقضي معظم وقته بما يتناسب مع فكرته عن مفهومه الخاص بالحياة، فتجد من يعمل طوال الوقت وكأن الحياة قائمة فقط على العمل، وتجد من يبحث عن الرفاهية والراحة فقط لأنه _من وجهة نظره­­_ لم يخلق للشقاء، وهناك من يحاول الموازنة بين العمل والرفاهية للحفاظ على التوازن المثالي، أيضاً من وجهة نظره.

وكل ما سبق لا يتعارض مع أي شيء، فلكل شخص مطلق الحرية أن يحيا بالطريقة التي تناسبه وتناسب أفكاره ومكانته ومقدرته، طالما في النهاية لا يسبب أذى للآخر أو يؤثر أسلوب حياته هذا عليه بالسلب.

كلنا في نهاية المطاف مسوؤلون فقط عن أنفسنا وعن طريقة معيشتنا التي نحددها كما نشاء، ولكن كما قلت في البداية أن لكل منا نسخته الخاصة بكل شيء، فالأمر هنا لا يقتصر على أسلوب المعيشة أو طريقتك لتحليل وفهم الأفلام والكتب. يأخذ الأمر هنا صور أوسع وأعم تؤثر في النهاية على كل من حولك من أشخاص وموجودات بشكل لا تتصوره.

ومن أسوء الأمثلة على هذا نسخنا الخاصة من الدين التي يتبع كل منا ما يراه صواب بغض النظر عن أي شيء. في الروايات والأفلام قد يكون الأمر مقبول وقد يمر بمنتهى البساطة، أما في حالتنا، فنقوم بالحكم على الآخرين ولا يقتصر الأمر هنا على الحكم فحسب، قد يقود الحماس البعض للتصرف بناء على هذه الأحكام التي قرروها بناء على ما توصلوا إليه بسبب قناعتهم الشخصية لأمور في الأصل لا تحتمل التأويل، ولا تعطي أكثر من معنى. لكننا تبعاً لقناعتنا التي لا يمكن لها أن تكون في موقع القاضي والجلاد على أي حال نقوم بالتصرف بناء على ما نراه صواب، ونتجاهل كل شيء آخر. فلا تردعنا قناعات الآخرين أو أفكارهم أو حتى القوانين التي نخضع لها جميعاً، فنعمل على تنفيذ ما نراه يتماشى مع نسختنا الخاصة بدون إدراك أن العالم أكبر بكثير من مجرد هذه النسخة الغير ملزمة لأي أحد.

نتعامل مع كل شيء في الحياة على أن كل منا هو المُخلِّص الذي جاء لينير للآخرين طرقهم المظلمة، وفي الأغلب تكون الإنارة من خلال إحراق الطريق وليس إضاءة شمعة أو مصباح كما تقول الأمثال والحكم. لأنهم ببساطة هم ونسخهم الخاصة بكل شيء لا يمثلون لنا سوى كل ما هو خاطئ وعكس ما يجب أن تكون عليه الحياة في نسختنا الخاصة.

في النهاية علينا فقط أن نتذكر أننا هنا لنحيا كيفما أردنا، لا أن نفرض أفكارنا ومنظورنا الخاص على أي أحد. جميل أن نترك أثر في العموم، وجميل أن تكون أفكارنا تستحق أن تتبع وتنير للآخرين الطريق، وليتم هذا يجب علينا أن نكون أكثر انفتاحاً وتفهماً وتقبلاً.
علينا أن نضيء ولو شمعة إذا استطعنا، وإن كان الطريق مظلم حقاً فستجد من يتبعك بإرادته الحرة ليشاركك ما يستطيع مشاركته معك من نسختك عن كل شيء.