زيد الشريف
زيد الشريف

د

هل يمكن أن أتعلم كتابة الرواية؟

خلال الليلتين الماضيتين؛ حضرت ورشة تدريبية تتناول (صناعة المشهد الروائي) وأثناء الورشة تطرق معدها** إلى مسألة (تعلم الكتابة الإبداعية).

وهي مسألة تثار داخل الوسط الإبداعي -العربي- بين الفينة والأخرى؛ حيث يشتد النقاش حولها -حد المفاصلة- بين من يرى إمكانية أن يتعلم الإنسان كتابة النصوص الأدبية -من الناحية التكتيكية- وبين من يرفض هذا القول، موضحًا أن لا مكان في هذا المجال إلا للموهبة.

ولعلي أسر لك يا صديقي؛ أنك لن تجد هنا – في هذه التدوينة- جوابًا حاسمًا؛ بل هي تجربة خاصة أحببت أن أشاركها معك.

قبل عام من الآن -تقريبًا- وجدت إعلانًا في (تويتر) يتحدث عن مسابقة لكتابة الرواية تحت مسمى ( انثيال)*

فقررت المشاركة…

وبعد أن تخطيت المرحلة الأولية من المسابقة؛ انضممت إلى إحدى الفرق؛ لأبدأ في كتابة عملي الروائي.

اجتهدت كثيرًا في إتمام العمل خلال المدة المحددة- ٦٠ يومًا- وقد فعلتها.

ولم يبق إلا أن تعلن النتائج النهائية للأعمال الفائزة.

طال الانتظار…. وأخذت أحدث نفسي؛ تارة بالنفور؛ لأني أكتب بشكل سرديٍ ممتاز -كما قال لي المشرف- ؛ وتارة أتخوف الهزيمة؛ لأني لا أعرف كيف ينظر النقاد إلى الروايات؟

وبعد أيام؛ أعلنت النتيجة…فلم أكن من ضمن المتأهلين!

تواصلت مع المشرف مباشرة؛ لأعرف سبب الهزيمة؛ فأخبرني أن أسباب الإخفاق، قد أضيفت إلى الصفحة الأخيرة من المسودة.

ومما جاء من ملاحظات المراجع -نصًا- “ويضيف على ذلك أن يطلع على بعض الكتب التي تتحدث عن فن الرواية”

أوووووه  لقد كانت هذه العبارة؛ صادمة لي بشكل مربك؛ لقد هزتني من الداخل بعنف!

كيف لا أفهم الرواية؛ وأنا من المدافعين عنها، ولي عمرٌ في رحابها؟

وبعد أيامٍ من الحيرة، ومن التفكير في ترك مجال الكتابة السردية، والعودة إلى الشعر -الذي تركته منذ زمن- قررت أن أقبل التحدي.

ذهبت إلى مواقع الكتب؛ وبدأت البحث عن الكتب النقدية؛ وياليتني لم أبحث!

إذ كان مجمل ما وجدته؛ مكتوبًا بلغة أكاديمية؛ تشتم فيها رائحة التعجيز، والسفسطة.

فعاد خيار الشعر يراودني!

……….

وفي أحد الأيام، -خلال محاولتي إنزال أوزان الحجر الكوروني- وجدت مقطعًا على (اليوتيوب) يتحدث فيه الدكتور (حسن النعمي) عن التلقي – تلقي النص السردي-.

كان حديثه غريبًا  بالنسبة لي، مشوقًا، ومتاحًا للإدراك، غير متكلف؛ ينساب إلى عقل المتخصص، وغيره.

 حينها فقط عرفت معنى المقولة التي وردت من الملاحظ على (مسودة عملي).

 ولا أنكر أني مع تكرار متابعاتي لما يقدمه الدكتور النعمي؛ أحسست بأنه هو من وضع تلك الملاحظة على مسودتي؛ وهأنذا أتعلم منه كيف أتلقى النص -بداية-  قبل أن أشرع في كتابته.

وقد كنت من قبل أعتقد أني ممن له خبرة في قراءة النصوص السردية – الروائية خصوصًا- إلا أني أنكر ذلك الآن؛ بعد أن رجعت أقرأ النصوص بعينٍ تختلف عن تلك التي قرأت بها،  لما يقارب العشر سنوات ماضية!

وبعد..

فإن كان تلقي النص الروائي -السردي- يحتاج إلى أدواتٍ معينة؛ فكيف هو الحال مع صناعة النص الروائي ذاته؟

ولعلي ألمح هنا إلى نقطة مهمة…

يقف النصيب أحيانًا مع أحدهم؛ فيبعث موهبته وسط ورشة عمل متواصله؛ بحيث تدور فيها النقاشات الأدبية؛ بشكلٍ طبيعي ( في السيارة – على الشاطئ – على العشاء) فتزرع مهارات الكتابة؛ في لاوعي ذلك الشخص دون أن يعي!

بينما يُحرمُ آخرون تلك النعمة؛ وإن امتلكوا موهبة تفوق الشخص الأول.

لكن الساحة اليوم أضحت متاحة للتعويض.

همسة.. “اتبع شغفك؛ ولا تبالي”.


**أعد الورشة، وقدمها الأستاذ/ خلف القرشي 

*مبادرة يقوم عليها الروائي والقاص السعودي (طاهر الزهراني)