فايزة العجلان
فايزة العجلان

د

البدايات الجديدة فرصة للتغيير والتعويض عما فات


الحياة دائماً تقدم لك فرصة ثانية تسمى غداً.

توماس سكوت

حاجة الإنسان للتغيير:
جميعنا نحتاج إلى بداية، مسند كتف ربما، ظهر نستند عليه بعد أن نقع، يد نتمسك بها بعد أن نقع على الأرض لنقف مجدداً، من جديد.
ويختلف الجميع في اختيار بداياته الجديدة، أو نوع السلم الذي يحتاجه للوقوف على قدميه مجدداً، وينسى دائماً أن ما يستند عليه ليقف، ليس بالضرورة أن يكون شخص آخر، يكفي أن يكون أنت.

ثق بنفسك وقراراتك، وانهض بنفسك من جديد، فاليد التي تستند عليها، قد ترفعك مره أو مرتين، لكن أن تسند نفسك بنفسك، يعني أنك لا تحتاج لأحد لتنهض.
لا تحتاج لأن تثبت أنك الأفضل للآخرين، طالما أنك تشعر بأنك الأفضل لنفسك، وأنك تتخذ الخيارات الصحيحة لمستقبلك، ليست المتاحة لك، وليس ما يقترحه لك المجتمع، لأن لا أحد يعرفك أفضل من نفسك.

متى نحتاج للبدايات الجديدة؟
حينما نتوقف لنسأل أنفسنا؟! لماذا خسرنا كل شيء، ولماذا لا تستطيع التوقف عن استقبال اللكمات، الموجهة لنا ممن حولنا بالكلمات، المنمقة جدآ، والمخصصة فقط لأستفزازنا وإحباطنا، حينما نشعر بأننا فشلنا حقاً في أن نكون ما نريد، أو في مستوى ما يتمنى الآخرون رؤيتنا فيه، حينما تصبح المحاولة صعبة جدًا، بالاستمرار في حياة لاتشبهك، حينما تصبح تنهيدتك أكبر من الصوت الذي يصدر منك، وأعلى من صدى صوتك.

هنا توقف فعلاً، لا تستمر في الضغط على نفسك، حان وقت التغيير، والبدايات الجديدة، سافر غيّر أثاث غرفتك، نظّف منزلك، والأهم من ذلك، نظف عقلك من الفوضى المحيطة به، ثم ركز وقل أستحق بداية جديدة حقآ.
مثال على ذلك المذيعة رضوى الشربيني، أتتها فكرة الطلاق، وهي تستمع لأغنية شيرين المرآيا، وهي تستحم، وقررت أنها تستحق بداية جديدة، وأن تبدأ من جديد.
كل نهايه تحتاج لبداية، وكل بداية لا بد لها من نهاية حتى لا تتعقد أكثر، وهكذا تتشابك الخيوط وتتعقد، لتجد أن الحل الوحيد لفكها بسهولة، هو قطعها أو محاولة فك خيوطها المتعلقة ببعضها البعض، نتيجة قرارات ونتائج قرارات وتبعاتها، اتخذتها في حياتك خاطئة، ولم تتوقف عندها للتراجع، حتى تشابكت خيوطها مع بعض وتعقدت.

هل الفرص الجديدة ممكنة؟
نعم هي موجودة، وليست مستحيلة الحدوث، ولكن نحن دائماً نستبعدها لأسباب خاصة بنا، أو أننا غير مستعدين لها فنئجلها باستمرار دون الرغبة في اللجوء إليها، إلا عندما نحتاج لذلك، أو تنفذ أشباه الحلول.

هل الجميع يحتاج بداية جديدة؟
نعم دون استثناء، من حق الجميع أن يعيش بسعادة، وأن يستقر، وأن يتجاوز ماضيه المظلم، ليبدأ من جديد، حق الاختيار في أن نكون سعداء بأيدينا وليس بيد الآخرين.

عندما توفي أبي، لم يكن التحدث عنه سهلآ، أو تجاوز غيابه، فكنت حينما أتحدث عنه أتبع أسمه، بالله يحفظه، رغم أنهم يخبروني بأنه توفى، ويجب أن اقول الله يرحمه، و لمدة ستة أشهر كاملة كنت أواجه صعوبة بالتأقلم مع وفاته، أحتجت لبداية، لنقطة أبدأ بها سطر جديد.

المواساة من الآخرين، لم تسندني، فقط نفسي هي من أسندتني، فالنهوض من جديد، يحتاج وقتًا وليس مستحيلاً وأن تكون مشاعرك واضحة، ليست في حالة فوضى.

أنواع البدايات:
١. أن تبدأ من الصفر:

عندما لا تملك الإمكانيات ولا الأدوات اللازمة للبداية الصحيحة، فأنت لاتعلم ما تحتاجه، حتى تبدأ من جديد.
الحيرة التي تبدأ قبل السؤال، والحيرة التي تبقى مع الإجابة، الرغبة في الاكتشاف، والخوف من الفشل، والتراجع عن المغامرة، خشية العودة للصفر.
٢. أن تبدأ من المنتصف:

اخسر في البداية وتعلم، أفضل من أن تخسر في النهاية وتتألم. مارك توين

السمكات الصغيرة:

في الصباح الباكر، خرج الصياد إلى البحر.
حاملًا في يده شباكه التي يستعملها في الصيد كعادته، إختار الصياد مكانه المناسب، ثم ألقى شباكه بالبحر، وعندما جذب الصياد شباكه إليها وجد بها عدد قليل من الأسماك الصغيرة، قال الصياد في نفسه: إن الأسماك الصغيرة لا تسمن ولا تغني من جوع، فأين هي الأسماك الكبيرة؟ قذف شباکه في الماء مرة أخرى.
جذب الصیاد شباکه من الماء، وفحصها جيداً، فوجد بها سمكات صغيرة، فلم يعجبه ذلك، وألقى شباكه في البحر مرة ثالثة، وهو يتمنى أن يكون الصيد أسماكاً كبيرة.

أخيراً شعر الصياد بثقل الشباك هذه المرة، فقال: ها قد وقعت في الشباك سمكة كبيرة جدًا، وراح يجذب الشباك، لم يستطع الصياد أن يمسك بالسمكة الكبيرة، فراح يستنجد بزملائه الصيادين ليساعدوه.. لكن السمكة تمكنت من الهرب والقفز في ماء البحر مرة أخرى.
سال الصياد نفسه: ما حكمة الحياة في ذلك؟ سمعه صبي صغیر یقف قریبًا منه، فقال له: مَن لیس له نصیب في شيء لا یحصل علیه.

نظر الصياد إلى الصبي في دهشة ولم ينطق بكلمة، قال الصبي: والصياد قليل الرزق لا تخرج له الأسماك ولو کان في أغنى البحار بالسمك.
فرد عليه الصياد: کلامك صحیح یا بني وإني أضيف أيضًا، أن السمكة التي لم ينتهِ أجلها، لا تموت ولو كانت في الصحراء، رفع الصياد عينه إلى السماء وقال: الحمد لله على کل حال، وقذف شباکه في البحر، بعد آن غیر مکانه، و جذب شباكه وجدها مليئة بأسماك صغيرة، فقال: الحمد لله على کل حال، ثم ألقى شباکه في البحر مرة أخری، وبعد قلیل جذبها فوجدها ثقيلة، ووجد فيها أسماكًا كبيرة وصغيرة، فامتلأ قلبه بالفرح وقال: الحمد لله، الحمد لله كثيرًا.

ما نستخلصه من القصة:
أن الأهداف الكبيرة لا تتحقق دائمًا بسهولة، مالم يسبقها أهداف صغيرة، ولكي تبدأ من جديد يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا منك ومن حولك، لتقبلك وتقبل حقيقتك، فالسجين حينما يخرج من السجن يواجه نفسه والمجتمع، لكن المواجهة الحقيقية بينه وبين نفسه، كيف يتجاوز نظرة المحيطين من حوله، وكيف يقنع المجتمع حول حقيقة إدانته وماضيه وكيف سيؤثر الأمر على مستقبله فيما بعد.

الصعوبة دائمًا تكمن في اتخاذ الخطوة الأولى، وما يتبعها لاحقاً هو ردة الفعل على القرارات التي اتخذتها لمستقبلك، وتتبعات تلك القرارات، والاختيارات من نجاح أو فشل.

يقول محمود درويش:

فى السجن لا تقول انتهى كل شيء، فى السجن تقول ابتدأ كل شيء والبداية هي الحرية.

٣. أن تبدأ من النهاية

حتى الفكرة السيئة دعوها تمر، امنحوها الفرصة الكاملة لتثبت لكم أنها سيئة. محمد الرطيان

عندما تخسر كل شيء، عندما تفقد الثقة في نفسك ومجتمعك وعائلتك وكل من حولك.
تلك اللحظه تشعر بأنك لا تستحق المقاومة، تشعر بالضعف والفشل والانهزام.
مثال على ذلك:
وفاة قريب منك، دخولك السجن ظلماً، أو نتيجة أفعالك، خسارة المقربين من حولك، نهاية صداقة غدر، أو نهاية زواج طلاق، نهاية عقد عمل.
وقتها تكون العودة للبداية صعب، من نقطة الصفر، وتجاوزها ليس سهلاً، لأنك تفقد ما اعتدت عليه، وتحاول أن تبدأ من جديد، مع الخوف من المتغيرات، التي قد تحدث، ورغم عدم تقبلك لواقعك، تنهض من جديد، يذكرني هذا بالمثل القديم الذي يقول:

لا أحد يتقدم للأمام نتيجة جلوسه على المؤخرة.

لهذا يجب أن تنهض، بعد الكسر لتسند نفسك بنفسك، فالجميع يستحق بداية جديدة لغد جديد.

ماذا نحتاج لنبدأ من جديد؟

١. الثقة بالنفس.

٢. اتخاذ القرار وعدم التراجع فيه.
٣. الاستعداد النفسي والجسدي لتبعات هذا القرار، وسبب ذكري للجسدي أنه من المستحيل أن تستعد للسباحة، وأنت لست مهيأ جسديآ للغوص، وصحتك ليست جيدة فهذا قرار غير مناسب وانتحار في نفس الوقت.

٤. دراسة النتائج وتقبل النتيجة، والفشل في حالة الخطأ.

٥. عدم التسرع بالنتائج، والحكم المسبق على الأمور دون تجربتها.
٦. أن لا تنتظر الآخرين ليكملوا ما بدأته، فأنت صاحب المبادرة، وأنت من أقدم عليها.
٧. لا أحد يقرر عنك لديك الخيار دائماً، ثق بنفسك وقدراتك، ولا تجعل الآخرين يبعدونك عن هدفك الاساسي.

٨. تذكر دائمآ أن الحياة ليست سهلة، فهي لن تتساهل معك مهما كانت اختياراتك.

البدايات الجديده فرصة للتغيير والتعويض عما فات

أحيانا تكون الإجابات أمام أعيننا، ولكننا فقط نغلق أعيننا عن النظر، البدايات فرصة لا تتكرر للجميع، والمحظوظ من وجدها، أما من لم يجدها، فربما لم يكن بحاجتها أبدآ، لهذا إن وجدت الفرصة لبداية جديدة لا تتردد في اقتناصها لأنك تستحق أن تكون سعيداً.