وجدان الغامدي
وجدان الغامدي

د

الأمهات والتعليم عن بعد

لا يخفى عليكم نظام التعليم هذا العام ولا أعلم إن كنتم تعرفون تفاصيل وخبايا التعليم عن بعد داخل البيوت ولكن الذي أعلمه بشكل لا مجال للشك فيه أنه شكّل ضغط هائل على الأمهات بغض النظر إن كانت موظفة أم غير ذلك. الأمر يُحتم عليّ كأم أن استيقظ باكراً حتى أوقظ طُلاب الفترة الصباحية (المتوسط والثانوي)  وأجهز لهم الفطور ثم لا يُمكنني النوم حتى أستطيع أنّ اتأكد أنّ كلاً منهم باقي على دروسه ومُتابع مع أستاذه، فعادي جداً أن أجدهم تركوا موقع مدرستي وذهبوا لعمل شيء آخر لعب، يوتيوب، انستقرام، سناب، طبيعي جداً والحُجّة في ذلك (المعلم/مة ما جات) ثم تجهيز وجبة الغداء ثم التأكد من طُلاب المرحلة الابتدائية وهؤلاء حكاية أُخرى فالتركيز لديهم مع الدروس عبر الموقع يكاد يكون بالسالب! وهذا يتطلب مني كأم بذل مجهود مُضاعف لحثّهم على التركيز مع شرح مُعلميهم، غير أنّهم في هذه الأعمار الصغيرة يميلون للحركة ففجأة تجدين الابن يلعب كورة والبنت تلعب بعروستها والمعلمين في وادي وهم في وادي آخر،الأمر مُرهق جداً. هل انتهى الأمر عند حضور الدروس؟ كلا!انتهينا من الدروس فيأتي دور حل الواجبات ثم المذاكرة للاختبارات، وحل الواجبات يحتاج مجلدات على حدّه؛ لكم أن تتخيلوا أن بعض الواجبات يتكرر مرتين وثلاثة وربما عشرة، ولكم أن تتخيلوا أن البعض يضع الواجب صباحاً ويجعل مدته أقل من يوم واحد، قد تظنون  أنّ هذا أمر عادي ربما هو عادي ولكن ما رأيكم إن أخبرتكم أنّ الموقع يفتح للمرحلتين المتوسطة والثانوية من الساعة السابعة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهرا، بينما يفتح للمرحلة الابتدائية من الساعة الثانية والنصف ظهراً حتى الساعة الثالثة مساء عفواً أقصد فجراً وأيضاً الموقع لا يفتح يوم الجمعة نهائياً، ماذا تفهمون من كلامي هذا؟

أننا نُسابق الوقت بين الدروس والواجبات حتى يتمكن الطالب من حلها كلها خاصة إن كانت كثيرة وهي كثيرة!

فكيف يُمكنني كأم تنظيم وقت اليوم بين عملي وجلوسي مع أبنائي ومتابعتهم وواجباتي المنزلية والأسرية والزوجية؟ الأمر صعب للغاية لا أقول إنّه مستحيل ولكنه صعب ويحتاج أن نبذل جهد عليه. الآن في كل هذه الدوامة السابقة أين أنا؟ أين أجد نفسي؟ كيف أستطيع استقطاع بعض الوقت لي؟ لا أُخفيكم علماً أنني شخص يُقدس الوقت الخاص وإن بقيت ثلاث أيام لم أقضي فيها ساعة بمفردي يُجن جنوني وأنا هنا لا أتكلم عن الساعات التي أستقطعها للعمل كونني أعمل عن بعد إنما أقصد الساعات التي أقضيها بمفردي إما أن أقرأ أو أشاهد برنامج أو مسلسل أُفضله أو أكتب شيء خاص بي أو حتى أن أبقى هكذا لا أفعل شيئاً، في نظام الدراسة بالمدارس في الأعوام السابقة كانت لدي تقريباً خمس ساعات لمدة خمسة أيام في الأسبوع أقضيها بمفردي بالمنزل أي ما يقارب 25 ساعة أسبوعياً تتقسم هذه الساعات بين عملي عن بُعد وعملي الخاص ومسؤوليات المنزل وما أحب ممارسته كما ذكرت سابقاً، الآن ولا ساعة واحدة فيجب عليّ موازنة الأمر وإيجاد حل يناسبني ولا يُؤثر سلباً على بقية أفراد الأُسرة، فوجدت أنّ الأفضل توزيع هذه الساعات على مدار اليوم فساعة صباحاً وساعة عصراً وساعة مساءً وطبعاً كلما وجدتهم مشغولين بدروسهم وواجباتهم كانت فرصتي في عمل شيء ما، والأمر ليس سهلاً فربما تمرّ أيام بالكاد استقطع فيها ساعة واحدة ولكن أُعزي نفسي أنّي أستطيع التعويض عن ذلك في يومٍ آخر.

الخُلاصة من كلامي السابق أنّه لا يُوجد روتين يومي لجميع أيامنا لأنه أمر غير ممكن في ظروف الدراسة لهذا الفصل الدراسيّ ولكن نحاول أن نُسدد ونُقارب ونحاول قدر المستطاع ألّا يطغى جانب على آخر فتختل السفينة.