هدير طارق البدوي
هدير طارق البدوي

د

حياة بلا هدف

بينما كنت أتصفح هاتفي المحمول بالأمس، صادفت حالة لصديق على تطبيق الـ واتس آب. كان يصف بها حياته، حياة بلا هدف، هذا هو ما كتبه. كرد فعل طبيعي مني، أرسلت له ردًا أن “ابحث عن واحد” وذهبت للنوم. اليوم صباحًا كان أول ما رأيته هو رسالة من صديقي يتسائل فيها “كيف يفعل ذلك؟”.

في بداية الأمر فاجئني السؤال! هل حقًا لم تكن تدري أن هذا هو ما عليك فعله، إن شعرت يومًا أن حياتك بلا هدف فببساطة عليك البحث عن هدف، وعملية البحث ذاتها ليست بهذا التعقيد، أو هذا ما ظنته. وبمجرد ما شرعتُ في الإجابة عن سؤاله، صُدمت. لم أتمكن من الرد، لم أجد الكلمات، بل ولم أعرف حتى طريقة البحث. كيف نجد هدفنا من الحياة؟ هل ما نفعله الآن هو ما قد خُلقنا لأجله؟ كيف نعرف أننا نحقق شيئًا وأن لنا دورًا؟

تذكرت إحدى حلقات المسلسل التلفزيوني الذي أشاهده الآن. بينما يوقع مُدير إحدى المستشفيات الكبرى على رواتب العاملين، وجد مجموعة من المسميات الوظيفية التي عفى عليها الزمن، إلا أنه لازال هناك من يقوم بها إلى الآن، ووجد مجموعة أُخرى من المسميات الوظيفية التي لم يفهم الغرض منها تحديدًا، فتوصل إلى حل. دعى إلى مبادرة في المستشفى، فليتوقف الجميع عن ما يفعله ليومٍ كامل، فقط لا يقوم يما يقوم به عادةً، وإذا وجد أنه لم يفتقده أحد، ليس كشخص بالطبع، وإنما كمؤدي لهذه الوظيفة، فليعرف أن حياته بلا هدف، وأنه قد حان الوقت للبحث عن عمل جديد، عن هدف جديد.

إذن أعتقد أن أول خطوات البحث عن هدف لحياة أيٍ منا هو التأكد من أن حياتك بلا هدف. إذا وجدت أنه لا أحد يفتقدك أو يفتقد دورك، فأجل، ربما يجب عليك البدء في البحث عن عمل مختلف، عن هدف. إنما إن أفتقد أحدهم عملك، فهذا يطرح سؤالًا مُختلفًا، هل يُرضيك هذا الهدف، هل تجد في نفسك الإكتفاء به، الرغبة في الوصول إليه، أم تعتقد إنه يمكنك أداء ما هو أكثر، تحقيق ما هو أكثر؟

بعد إختيار السؤال الذي تبحث عن إجابته، يمكننا وقتها البدء في البحث عن الإجابة. تعد التجربة من أفضل الطرق، بناءًا على تجربتي الشخصية على الأقل. لكن قبل أن تبدأ في تجاربك عليك أن تكون متأكدًا من رغبتك في الوصول لإجابة، من تقبلك الفشل في عدد لا بأس به من التجارب حتى تصل إلى غايتك، ومن تعريفك لإجابتك. عليك أن تجد مفهومك الخاص عن الهدف، الإحساس الذي تظن إنك ستشعر به عندما تكتشف هدفك، الحالة التي ستحيط بك وقتها.

الآن، أنت جاهز للتجربة.

فلتجرب كل ما قد يخطر ببالك، ابذل جهدك في التجربة، حاول قدر المستطاع، ولا تقبل الفشل بدون التأكد من إنك قد قدمت ما تستطيع في هذا الطريق. حدد الطرق التي تظن إنك ستحبها، جرب كذلك الطرق التي لا تظن إنك خُلقت لها، وانتهز أية فرصة قد تظهر أمامك. لا يعرف أيُنا من أين نبدأ ولا إلى أين سنصل في النهاية. هكذا بدأت أنا.

إذن؛ حدد السؤال الذي تبحث عن إجابته، تأكد من رغبتك في التوصل لهذه الإجابة، تجهز لضربات الحياة والإنهزامات التي ستواجهها لا محالة، عرّف نجاحك، وانطلق.