فادي عمروش
فادي عمروش

د

هل يمكن إبطاء معدل الشيخوخة؟

في فيديو مميز يستحق المشاهدة فعلاً، يناقش المقدم الظريف ديريك موللر ضمن قناته على يوتيوب المميزة لتبسيط العلوم موضوع إبطاء معدل الشيخوخة، وذلك في فيديو رائع له جمع دراسات مهمة ولقاءات مهمة حول الموضوع، وقام بمقاربته بأفضل شكل مرّ علي.

يبدأ ديريك بالتساؤل المهم هل تغيير نمط حياتنا بحيث يؤدي لإطالة العمر يعني أننا سنواجه المزيد من السنوات المرضية حيث سنكون في السرير مع مرض الزهايمر؟ لا أحد يريد ذلك طبعاً.

تأتي الإجابة من البروفيسور ديفيد سينكلير عالم الأحياء الإسترالي وأستاذ علم الوراثة ومدير مشارك في مركز بيولوجيا الشيخوخة في كلية الطب في جامعة هارفارد والذي يشير أنّه مع تقدمك في السن، فإن خطر الإصابة بأمراض مروعة، مثل مرض السكري والسرطان والتهاب المفاصل تزداد بشكل كبير، وبالتالي، فالسؤال المهم هو ليس إطالة عمر الإنسان وإنّما منع تلك الأنواع من الأمراض، بعبارة أخرى إذا كنّا نريد معالجة الشيخوخة حقاً فإن الهدف هو إبطاء الشيخوخة وإطالة عمر الإنسان أي ببساطة إطالة العمر الصحي، ويسمى أيضًا المدى الصحي، وبالمنسابة للبروفيسور سينكلير كتاب رائع في هذا الموضوع.

إذا النقاش كيف يمكننا إبطاء الشيخوخة لدى البشر؟ هل يمكننا إطالة العمر الصحي وكيف يمكن ذلك؟

السؤال الأول الذي يجب أن نجيب عليه هو: لماذا نتقدم في العمر في المقام الأول؟ ما هي الشيخوخة حقًا؟

يشرح الفيديو بالتفصيل السبب ويمكن تلخيصه ان الخلية تفقد معلوماتها بسبب أو لآخر وعليه تنسى ذاكرتها وهو ما علينا تقليله خلال حياتنا، حسب البروفيسور سينكلير هو فقدان للمعلومات في الإبيجينوم.

إذن ما هو الإبيجينوم؟

كل خلية في جسمك لها نفس الحمض النووي، ولكن أنواع الخلايا المختلفة لها إيبيجينومات مختلفة. لديهم طرق مختلفة لتعبئة هذا الحمض النووي، وتغليف، كما تعلمون، الكثير منه بحيث لا يتم قراءته، وترك بعض أجزاء الحمض النووي ملفوفة، لذلك من السهل نسخها وتحويلها إلى بروتينات وتشغيل تلك الخلية. لذا فإن الإبيجينوم مسؤول عن تشغيل أو إيقاف تشغيل أجزاء مختلفة من الحمض النووي. لذا فإن الفكرة هي: عندما يتشكل جسمك لأول مرة، فإن الإبيجينوم هو ما يخبر خلاياك بنوع الخلية التي يجب أن تكون. ولكن مع تقدمك في السن، فإن فرضية البروفيسور سنكلير هي أننا نفقد المعلومات في الإبيجينوم. وهذا مهم لأنه إذا احتاجت خلية الجلد إلى أن تظل خلية جلدية، هذا هو الإبيجينوم. وإذا لم يكن لديك الإبيجينوم، فسوف تنسى خلية الجلد نوع الخلية وقد تتحول إلى خلية دماغية، والتي قد لا تكون بهذا السوء ولكن إذا تحول دماغك إلى خلية جلدية لديك مشكلة وأعتقد أن هذا هو إلى حد كبير الشيخوخة.

إذا كان هذا صحيحًا، إذا كانت الضوضاء التي تتراكم في الإيبيجينوم هي سبب الشيخوخة حقًا، فهناك خطوات يمكننا اتخاذها الآن لإبطاء معدل الشيخوخة في أجسامنا، من خلال محاولة الحفاظ على أجسامنا بشكل أفضل. هاكم هذه النظرية، أن البكتيريا المبكرة قبل مليارات السنين اتخذت خطوة تطورية مهمة. لقد طوروا في الواقع نمطين مختلفين من المعيشة. عندما كانت الأوقات جيدة، استخدموا طاقتهم للنمو والتكاثر، ولكن عندما كانت الظروف قاسية، استخدموا طاقتهم لحماية خلاياهم وإصلاحها، لقد تطورت في هذا السياق ما يسميه سنكلير: “جينات طول العمر”.

تشكّل هذه الجينات التي تسببها الشدائد الإنزيمات التي من بين أمور أخرى تحافظ على الإبيجينوم، واليوم يمكن العثورعلى جينات طول العمر نفسها في البكتيريا، ونحن لدينا جينات” الاستجابة الهرمونية” أو ” جينات طول العمر” الموجودة في جميع خلايانا، وهي تشعر عندما نركض كثيرًا، أو نفقد أنفاسنا أو نشعر بالجوع، أو نشعر بالحرارة قليلاً، أو البرد قليلاً. تعمل هذه الجينات على تشغيل دفاعاتنا العامة ضد الشيخوخة إذ تتفكك أجزاء من خلايانا، ويمكنهم إعادة تجميعها معًا وأمور أخرى أهمها هي الحفاظ على المعلومات، المعلومات اللاجينية في الخلية، حتى لا تنسى خلايانا ما يجب القيام به.

هناك ثلاثة أنواع من جينات الإستجابة الهرمونية (جينات طول العمر):

الأول: جينات التحكم في المعلومات في الخلية
الثاني: جينات استشعار الطاقة التي نستهلكها والتي هي غالباً السكر
الثالث: جينات التحكم والاستجابة لمقدار الأحماض الأمينية التي نتناولها

إذا كيف يمكن إبطاء معدل الشيخوخة، يمكن باتباع النصائح التالية للتعامل مع تلك الجينات وهي:

أولاً: تجنب تلف الحمض النووي، ضع واقٍ من الشمس وتجنب الأشعة السينية وكل هذه الأشياء.
ثانياً: تناول كميات طعام أقل، قم بحميات تقييد السعرات الحرارية أو الصيام المتقطع.
ثالثاً: تناول كمية أقل من البروتين والحوم، لأن جسمك لديه طرق لاكتشاف الكمية التي تتناولها.
رابعاً: قم بتمارين قاسية مجهدة تؤدي لرفع نبضات قلبك فعلأ كأنك تجري من أسد.
خامساً: غيّر ظروف جسمك فجاة بشكل مفاجئ كحمام ماء بارد فجأة أو بالعكس حمام ساونا مفاجئ.

تثبت تجارب الفئران نجاعة ذلك بالفعل، إنّ أفضل طريقة لجعل الفأر يعيش لفترة أطول هو تقليل مقدار الوقت الذي يأكله، لذا فإن الصيام الدوري، والصيام المتقطع، وتقييد الأحماض الأمينية، هي وصفة العمر الطويل للفأر. وهذا صحيح أيضًا للقرود، حيث أدت الحميات المقيّدة بالسعرات الحرارية إلى إطالة عمر القردة التي كانت تأكل بشكل محدود مقارنة بتلك التي تلتهم الطعام متى أرادت، لقد كانت النتائج مذهلة لم تشهد القرود فقط تقدماً في العمر أبطأ، إنّما لم يصابوا بنفس القدر من مرض السكري وأمراض القلب، لقد كانوا في الواقع يتمتعون بلياقة بدنية وصحية جيدة، عندما كانت المجموعة الضابطة من القردة تأكل ما يريدون وتكبر في السن وتمرض بشكل أسرع.

الخلاصة

كل ما عليك التفكير به هو كيف ستحفز “جينات طول العمر” في جسمك للحفاظ على الإبيجينوم وبالتالي الدخول في وضع “الإصلاح والحماية” بدلاً من “النمو والتكاثر”، يمكنك التفكير في تناول كميات أقل، مثل تقييد السعرات الحرارية، تقليل السكر، وإشعار الجسم أنّه بحالة خطر مفاجئ وبذلك توظّف طاقة الجسم إلى الإصلاح بدل النمو.