إسراء عصام فتحي
إسراء عصام فتحي

د

الزراعة المستدامة والأمن الغذائي

ساهمت الزيادة السكانية في عدد سكان العالم علي مستوى البلاد المختلفة؛ إلى النمو الهائل في الطلب على الغذاء و اللجوء إلى حلول بيئية تساعد في الحفاظ على الموارد الطبيعية دون استنزافها أو استهلاكها.. بصورة لا تسمح للأجيال القادمة بممارسة حقها الطبيعي في الحياة وحقها على مستوي الغذاء والمعيشة..
وقد أدت الممارسات الزراعية غير المستدامة؛ إلى هدر كبير بالموارد الطبيعية فيما يخص تعرية التربة، تلوثها والتصحر بالإضافة الى الهدر المصاحب لعمليات الري مما يؤثر علي المياه والتربة على حدٍ سواء، خاصة وإن كانت المياه ملوثة نتاج الكثير من الأخطاء البشرية السلوكية.
مما أدى بدوره إلى تدهور الانظمة الإيكولوجية وضياع التنوع البيولوجي الزراعي والطبيعي وبالتالي امتد التأثير على المستوى المناخي.
ومن هنا جاءت الاستدامة لتشكل تناغم ومزيج ما بين العناصر البيئية، الاجتماعية والاقتصادية… بطريقة تؤدي الي تغيير الوعي الجمعي والسلوك البشري فيما يخص طرق استغلال المورد ومواكبة الاتجاه التكنولوجي لذلك التغيير، مع وجود تنمية مجتمعية وتغييرات مؤسسية تساعد أفراد الشعوب من حيث التطبيق الفعلي ونشر الوعي البيئي و الاجتماعي.
لذلك اتجهت العديد من الدول إلي نماذج وأنواع كثيرة من الاستدامة؛ كالمدن المستدامة في دبي والصين والعديد من البرامج الممولة والتي سمحت بإدارة زراعة مستدامة كبرنامج (Friend of the earth).
ويعتبر ذلك البرنامج بمثابة نموذج يعتمد في أساسه علي تقليل الأثر البيئي اثناء العمليات الزراعية المختلفة مع دمج الابتكارات التكنولوجية و البيئية التي تؤهله ليصبح نهج مستمر غير مؤقت.
مما يسمح بخلق مساحات زراعية اكثر تنوع وثراء مما كانت عليه نظم الزراعة التقليدية قديماً.. من حيث مساحات للمزارع بجميع الاحجام و الأشكال و الهدف الغذائي نفسه، و التنوع الغذائي بما يخدم الإنسان ، الظروف المحلية و الاسواق الإقليمية ايضاً.
مع توظيف علم البيئة الزراعية agroecology و الذي يسمح بإدارة نظم بيئية زراعية في إطار العمل مع الطبيعة وليس ضدها باستخدام الكثير من الآليات التي تسمح بذلك؛ كدمج الثروة الحيوانية مع المحاصيل الزراعية بصورة من التكامل الذكي و توليفه لمزارع اكثر استغلال، كفاءة و ربح… كمزارع الاكوابونيك و الهيدروبونيك علي سبيل المثال.
إضافة ايضاً الي زراعة محاصيل الغطاء الأخضر كالبرسيم في بعض الأوقات و المواسم التي قد تُترك فيها التربة عارية ؛ مما يحميها من تهديد التعرية و التصحر ويغذيها بالموارد ، إذ تتجدد مغذيات التربة مع المراقبة البشرية للآفات و الأعشاب الضارة.
كما أن اعتناق التنوع الزراعي Intercropping في الأرض او الرقعة الزراعية الواحدة من العوامل التي تساعد علي استدامة المورد لا هدمها… من توفير تربة صحية إضافة إلي تحسين مكافحة آفات التربة.
و بالتالي لابد من دعم ابحاث علم التربة و علم البيئة الزراعية لمساعدة المزارعين علي تبني نهج وممارسات الاستدامه… مع تأهيلهم للاستفادة الفعالة و التطبيقية من العلم المتاح أو حتي نشر الوعي فيما يخص طبيعة الهدر التي يتم ممارستها علي الكثير من الموارد الطبيعية البيئية.. مما يؤهل العالم ككل في إحداث طفرة زراعية تسمح بتوفير غذاء صحي عن طريق دعم نظام زراعي و غذائي من شأنه أن يوفر منتجات بشكل مستدام للجميع و أسعار معقولة وفي أي مساحة.
ان الزراعة هي بداية كل إنتاج في الحياة الأساسية وهي المهنة التي تجعل للإنسان جذوراً في أرضه و حصاداً في أرض غيره.. وطنً جائع وطن لا يفكر فلا يبدع.. و وطنً لا يملك قوت يومه من غذاء لا يملك أبواب غده من مستقبل..