كتب تساعدك على فهم الكون

قد تبدو الكتب المعنية بدراسة الفيزياء الكونية أو علم الفلك كتبًا مملة ومنطقية أكثر من اللازم، لكن دخولك لهذا العالم سيجعلك تدرك حجم خطأ توقعاتك.

إذا تابعت الفيلم الشهير”interstellar” ونال على إعجابك أو ربما أثار فضولك، فهذه المجموعة من الكتب ستكمل مغامرتك وستزيد من إعجابك وتعجبك في فهم هذا العالم.

هذه القائمة هي لأفضل 5 كتب قرأتها لعام 2020، وهي تشرح لنا العالم والسماء والكون من حولنا.

1- بسائط علم الفلك وصور السماء

سنبدأ مع هذا الكتاب البسيط كما يظهر من عنوانه، يتحدث الكتاب عن ظواهر السماء البسيطة، عن الكواكب والنجوم عن شروق الشمس وغروبها، وعن حركة الأجرام في السماء وعلاقة الأرض مع جاراتها من الكواكب الأخرى، يبدأ الكتاب بشرح ما اعتقده الأسلاف عن كل هذا، ثم يبدأ بالتقدم قليلًا ليصل للفيزياء الكلاسيكية ولا يتجاوزها، ما احتمالية وجود حياة على المريخ؟ لماذا يحدث المد والجزر؟ متى تحدث الكسوفات والخسوفات؟ ما معنى الأبراج السماوية؟ ما حجمنا في هذا الكون الفسيح؟ ما مدى سذاجة الاعتقاد القديم بأننا مركز الكون؟

سيجيب الكاتب على كل هذه الأسئلة وأكثر، تلك السماء التي تراها الآن كمجرد صفحة سوداء منقطة بالنجوم ستتحول لكتاب تستدل منه على الأماكن والأوقات، ولن تكون سماء اليوم أبدًا مشابهة لسماء أمس، ستدرك تحركات الأجرام والتشكلات والتجمعات النجمية.

الكتاب مكون من حوالي 190 صفحة يمكن إنهاؤها في وقت قصير، لكنه مع ذلك كتاب غني ومفيد.

2- الكون الأحدب

في هذا الكتاب من تأليف الدكتور عبد الرحيم بدر ستتعمق أكثر في فهم الظواهر الكونية، ببساطة يتجاوز الكاتب الفيزياء الكلاسيكية ليصل بنا إلى فيزياء آينشتاين، وكون آينشتاين الأحدب، بعيدًا عن المعادلات الصعبة التي لا يستعملها إلا ما ندر، مع حرصه دائمًا على تبسيطها وإمكانية القارئ تجاوزها دون أن تؤثر على سير القراءة، ما يميز هذا الكتاب هو كمية اللاتصديق التي ستمر بها، على عكس الفيزياء الكلاسيكية التي تقيس المعتاد من سرعة المركبات وسقوط الكرات، يحدثنا الكتاب عن تسارع الزمن وتباطئه بل عن انكماش أطوالنا، يتحدث الكتاب عن النسيج الكوني وعن الزمكان، عن الشكل المتخيل لهذا العالم، تكسر نسبية آينشتاين كل الثوابت والمسلمات التي اعتدناها في فهم الكون، فمثلًا نحن متفقون على جمع واحد وواحد 1+1=2، فكلمة اثنان في الأصل وضعت لتدل على جمع واحد وواحد ولكن يأتي آينشتاين ويقول بأن هناك إحدى الحالات التي يكون فيها 1+1=1

* فحيث إذا أضفت سرعة جسم يسير بسرعة الضوء إلى سرعة جسم آخر يسير بالسرعة نفسها فسيكون الناتج سرعة الضوء أي بعبارة أخرى يقول لنا آينشتاين 1+1= 1!

ما يميز هذا الكتاب عن غيره من الكتب التي تشرح النسبية هو روح الفكاهة والمزاح التي يضيفها الكاتب على نصوصه دون أن تخل بفهمك، بل على العكس تعزز فهمك بصور ومواقف مضحكة تستمر معك بعد إنهائك الكتاب، مما يعني بالضرورة تثبيت المعلومة داخل رأسك

3- الله لا يرمي النرد

هذا الكتاب قد يكون من أفضل الكتب التي ستقرأها عن الكون على الإطلاق، تشعر أن الكاتب قد راهن بأنه لن يمر عليك سطر واحد دون أن تفهمه، يجيب الكتاب على أسئلة مثل من أين أتينا؟ ما هي الطاقة المظلمة؟ ما هي المادة المظلمة؟ وكما في الكتاب السابق يشرح كون آينشتاين ومفهومه عن الزمكان، وعن كل ما يتعلق بالفيزياء الكونية في محاولة لفهم عشوائية ما نراه حولنا، التي لا بد من وجود قوانين تنظمها، فلا محل في هذا الكون للصدفة أو الاحتمالات، وتواجدنا في هذه الحياة لا يمكن أن يكون صدفة أبدًا والله أبدًا لا يلعب النرد!

4- الكون

تعود شهرة هذا الكتاب إلى أن مؤلفه عالم الفلك الأميركي الشهير‬ ‫كارل ساغان، والكتاب مستلهم من برنامج تلفزيوني بنفس الاسم من تقديم كارل ساغان أيضًا، هذا الكاتب المعروف بتبسيط العلوم وربطها بحياتنا الواقعية، وأسلوبه الشيق الممتع وربما المستفز أحيانًا.

الكون هو كل ما هو موجود وما وُجد وما سيوجد، وإن أبسط تأمل لنا في الكون يحرك مشاعرنا كما في تذكر تلك الأشياء البعيدة، أو السقوط من ارتفاع ما، فنحن نعلم أننا نقترب من أعظم الأسرار، حجم وعمر الكون خارج إدراك الإنسان العادي، ففي مكان بين اتساع الفضاء وخلود الزمن يضيع كوكبنا المعروف بالأرض، يتطلب اكتشاف الفضاء الشك والخيال، فالخيال يحملنا إلى عوالم لم تكن موجودة قط، أما الشك فيمكننا من التمييز بين الزائف والحقيقي، ومن اختبار أفكارنا. سطح الكرة الأرضية هو شاطئ المحيط الكوني، منه تعلمنا أغلب ما نعرفه، ومؤخراً نزلنا قليلاً إلى البحر وبما يكفي لتبليل أطراف أصابعنا فقط.

الكتاب سيطلعك على رحلتنا البشرية في الكون، وابتداء من رحلة حسابنا لمحيط الأرض، ثم يغوص بك في العديد والعديد من التساؤلات.

“ﻫﻞ أﺳﺎس ﺻﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺮﺑﻮن والماء ﻳﻌﻮد إﻟﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻮﺟﻮدﻳﻦ ﺑﻜـﺜـﺮة ﻓﻲ اﻷرض ﻓﻲ زﻣﻦ ﻧﺸﻮء الحياة؟ وﻫـﻞ يمكن ﻟـﻠـﺤـﻴـﺎة ﻓـﻲ أﻣـﺎﻛـﻦ أﺧـﺮى كالمريخ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ االمثال أن ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أﺧﺮى؟ وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻫﺬا ﻛﻞ ﺷﻲء؟ وﻫﻞ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺷﻲء آﺧﺮ ﻫﻨﺎ ﺳﻮى الجزيئات؟ ﻳﺠﺪ اﻟﺒﻌﺾ أن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة تحط ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺪر اﻹﻧﺴﺎن. ﺟﻮﻫﺮ الحياة ﻟﻴﺲ اﻟﺬرات والجزيئات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﻨﻊ ﻧﺤﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻞ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻟﻒ ﺑﻴﻨﻬﺎ.

ﻟـﻮ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﺪﻓﻌﻨﺎ اﻹﻏﺮاء إﻟﻰ ﺟﻠﺐ ﻛﻞ اﻟﺬرات اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺴﻤﻨﺎ وﺧﻠﻄﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ وﻋﺎء ﻛﺒـﻴـﺮ وتحريكها. ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻧﺮﻳـﺪه، وﻟـﻜـﻨـﻨـﺎ ﻟـﻦ ﻧـﺤـﺼـﻞ ﻓـﻲ ﻧـﻬـﺎﻳـﺔ المطاف إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺬرات. وﻛﻴﻒ يمكننا ﺗﻮﻗﻊ ﺷﻲء آﺧﺮ؟ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻀﻊ ﻫﺬه المواد اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻣﻌًﺎ وﻧﺨﺮج ﻛﺎﺋﻨﺎً ﺣﻴﺎً ﻣﻦ الجرة. ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺟﺪا ﻋﻦ ﻗﺪرﺗﻨﺎ وربما ﺳﻴﻈﻞ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﺟﺪا.”

بهذه الطريقة وغيرها يحدثك كارل كصديق يتصفح معك صفحات الكون ويربطها بحياتك، يتساءل معك ويبدأ بالأسئلة البسيطة ليغريك بالغوص معه في أعماق هذا الكون.

5- الكون الأنيق

هذا الكتاب قد يكون خير الكتب التي نختم بها، يتحدث الكتاب عن كل شيء، هذا العالم ولمدة طويلة تم تفسيره بنظريتين متناقضتين الأولى نظرية النسبية لآينشتاين وهي صحيحة على مستوى المسافات الشاسعة كالأجرام السماوية، والثانية ميكانيكا الكم وهي صحيحة على مستوى الجزيئات، عدم تطابق ميكانيكا الكم ونسبية آينشتاين يشير لعيب أساسي في فهمنا للعالم الفيزيائي، على الرغم من محاولات تنقيح النظريتين لتجنب التناقض لكنها جميعًا باءت بالفشل الواحدة تلو الأخرى، كان هذا سائدًا حتى اكتشاف نظرية الأوتار الفائقة!

يغوص الكتاب في كل هذه المعضلات ويشرحها ويوضحها، ليصل بنا إلى فهم سبب ظهور كل نظرية، وإلى الثغرات في سابقاتها التي أدت لظهورها، والثغرات التي ظهرت فيها لاحقًا، وهكذا تباعًا حتى يصل بنا إلى نظرية الأوتار الفائقة.

رحلتنا في فهم الكون لم تنته، ويبدو أن الطريق لا تزال طويلة جدًا، كل أمة وكل حضارة تضع حجرًا لتقف عليه الأجيال اللاحقة، على أمل أن يطل أحد أحفادنا من القمة ذات يوم ناظرًا لهذا العالم بوضوح لامتناه!