يزن مهنا
يزن مهنا

د

“عم تردّلي جواب؟”

أغلب المراقبين لأدائنا الإجتماعي واسلوب حياتنا من منظور خارجي يلاحظ أن هنالك مشكلة عميقة لدينا في مفهوم الصح والخطأ بحياتنا اليومية، ففي أدبياتنا الشرقية لانمتلك كثيراً مفهوم (الصح والخطأ):
لدينا مفهوم (الأقوى الاضعف) ، و الأقوى في مكانه دائماً على حق، ومن المهين نقاشه.

لن يسمح لك من هو اقوى منك في أي موقع ، ان تناقشه، أو يعطيك الفرصة أن تتجرأ على مغالطته ،
ففي الخطأ بأدبياتنا الشرقية ضعف، وانتقاص قوة ومكانه.. هكذا علمنا الموروثين الديني والسياسي .

وقد تصل الحالة هذه إلى الغضب الانفعالي، لمجرد جرأتك على الكلام والنقاش أو حتى التردد بالاقتناع بما يُعرض عليك من أفكار ..

هذه العادات القذرة ، هي انسحاب من النظام الابوي الشّرقي، الذي تتمحور فيه كل القرارات و المصالح والجهود والرفاه حول هذا الأب الكبير،( ولا اعني الوالد، بل كلمة أبوي هنا استعارة )

و تتمحور كل القضايا والجهود حول مصلحة وراحة هذا الأب الكبير .

فكل شخص في المجتمع يسعى لان يكون هذا الأب الكبير في محيط راحته،
أنت كنت دائما على خطأ في مواجهة مدرسّك بالمدرسة والجامعة ،حتى اهلك كانوا يؤيدون فكرة الإذعان للأب هذه ، “اضربه استاذ”
اضربه ؟ اضرب ابني؟
حتى تُركت كطالب في وجه كل العقد والمشكلات التي يعاني منها هذا الاستاذ في حياته ، وصرت ملعباً لتفريغها .

في العائلة كم منّا استطاع مناقشة جدّه؟ وهنا يكون الجد هو الأب الأكبر بل أحياناً يعتقد أنه إله!

وفي خضم العائلة الكبرى تسري كل العقد الإجتماعية، حتى تصبح بيئة جاهزة لدراسة التعقيدات الاجتماعية كلّها !

في البيت لا يمكنك غالباً مناقشة اهلك فتبدأ القصه عند النقاش العادل لتنتهي كيف ترفع صوتك؟
هي المشكله فقط في جرأتك على النقاش.

ينسحب هذا النظام الابوي للسياسة بشكل مثالي، حيث ينزعج الجميع من جرأتك على مناقشة حياتك مستقبلك وحقوقك فتزعج الاب الكبير ومتعته ورفاهه وهنا الأب الكبير هو الفوضى الكبرى التي نسميها تجاوزاً نظام اجتماعي أو سياسي اعتدناه.

بل بعضهم يقول لك احكي هالكلام بالبلد!
سواء موالاة أو معارضة ، كل يريدك أن تعطي رأيك في مكان سيطرته أو أنك تُحسبُ جبان! وهي جملة دارجة، سببها أن قائلها يسعى لكي تتوفر له ظروف ان يكون الأقوى والأب هنا، فيخرسك بهذه القوة .

عداك عن الدين ورجال الدين وقصصهم مع قضيه الاب الكبير حيث كل منهم اب كبير ولكل منهم اب كبير..
وتعرضك للتشويه المستمر والقمع المستمر قد يسحق شخصيتك ، ويجعلك تقبل هذا النوع من الإذلال بعدم الأحقية على إعطاء الرأي ، نعم إذلال
ثم انك ستسامح وتعتاد وتنسجم .. لانك لم تتعلم أن ذلك خطأ ، فقد تم تعليمنا السكوت قبل تعليمنا الحق في إبداء الرأي.

كل الاباء الكبار هؤلاء الذين شكلهم هذا النظام الإجتماعي في المدرسة أو السياسة أو العائلة أو المسجد أو المخفر
يجمعهم شيء واحد وصفة واحدة، وخط أحمر واحد
هي سؤالهم الاستنكاري الدائم : ” عم تردلي جواب!”

أزعجتهم انت، بنقاش مسلماتهم ، ازعجتهم وأقلقت راحتهم ومتعتهم ، فكل شيء يجب أن يدور حول اهتماماتهم و رفاههم ومن أنت لترد جواب ..
قل لأي منهم : ” اي عم ردلك جواب ، وعن رد جواب للاكبر منك كمان ..”
والحل الوحيد مع النظام الأبوي الشرقي هو الوقاحة، نعم الوقاحة مطلوبة مع من لا يستحي .

افعل ما يقوله لك الجواهري : لاتطلب من يد المتجبّر ، مرحمةً ضع على هامة المتجبر قدم.