معتصم باكراع
معتصم باكراع

د

الاكتناز القهري.. مرض تكديس الأشياء!

حينما يكون من الصعب عليك التخلص من مقتنياتك وتكديسها في منزلك إلى درجة أنك لا تستطيع أن تمشي دون أن تتعثر بمقتنياتك التي عاف عليها الزمن، تفضيلك لعيش حياة طبيعية في العزلة ويمكن أن تتعرض لمرض الربو بسبب الأتربة التي تعج فوق مقتنياتك الكثيرة والتي لا تستخدمها وإنما الشعور بالأمان هو من يدفعك لذلك النوع من الاكتناز، أو كما يطلق عليه الاكتناز القهري ((Compulsive Hoarding)).

اضطراب الاكتناز القهري يقوم على التكديس للمقتنيات التي تحتاجها والتي لا تحتاجها، مما يعيق عليك التواصل مع العالم الخارجي ورغبتك العارمة في البقاء مع مقتنياتك لأنها تشعرك بالأمان.

الفرق بين التجميع والتكديس الذي يؤدي إلى الاكتناز القهري فالتجميع لكي يكون لديك مجموعة معينة ترغب في اقتنائها منظمة ومرتبة بطريقة جميلة ورائعة ولها مكانها الخاص ولا تعيفك عن أداء مهامك اليومية، وأما التكديس الذي يعاني منه أصحاب الاكتناز القهري يكمن في تجميع كل الأشياء التي يحتاجونها أو لا يحتاجونها بطريقة مبالغ فيها.

وهي سبب من أسباب عزلتهم لأنهم لا يستطيعون أن يستضيفوا الناس بسبب تلك المقتنيات لذلك نجد أن من ضمن الفئات المصابة بهذا الاكتناز هم الأشخاص الغير متزوجون لأنهم يأخذون الأريحية في تخزين الأشياء دون وجود مشاركة من طرف آخر تحتم عليهم مراعاة المساحة المشتركة بينهم.

 هناك عوامل وأسباب لذلك الاكتناز القهري منها، العوامل الوراثية، تقليد الأهل إذا كانوا مصابين بالمرض، التعرض للصدمات العاطفية كالوفاة، والاستبعاد من الوظيفة، وفقدان الممتلكات، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية فهي من الدوافع الرئيسية لرغبة الشخص المصاب للتعويض عن العلاقات الاجتماعية عن طريق مجموعة هائلة وضخمة من الممتلكات التي تشعره بالطمأنينة والأمان.

ومن المثير أن الأشخاص المصابون بهذا المرض لا يعرفون بأنهم مصابون لذلك من المستحيل أن يبحثوا عن الحلول عوضاً عن الاستشارات النفسية، فمن النادر أن يذهب إلى العيادة لا سيما أن من أطباعهم التردد والحيرة لذلك أيضاً يحبون الاحتفاظ بالأشياء عموماً حتى لا يندمون على فقدانها في وقت آخر.

الأخوة كولير

ومن القصص الغريبة والعجيبة والتي أخذت صيتاً واسعاً في نيويورك قصة الأخوة كولير.

في عام 1947م تلقت الشرطة بلاغاً من مجهول عن وجود رائحة عفنة تخرج من إحدى البنايات فتم إرسال الشرطي للذهاب إلى موقع البلاغ ومن ثم كانت الصدمة، حينما وجد كمية من الأوساخ والنفايات داخل تلك الشقة، بل ووجد جثة الأخ الأكبر هومر حيث أنه وجد متوفياً بسبب الجوع.

وأما أخوه لنجلي  فقد كان المسؤول عن الطعام وجدوه ميتاً تحت أكوام من النفايات، حيث أنه ذهب لإحضار الطعام وحينما رجع إلى المنزل أصيب بأحد الفخاخ التي نصبوها لكي لا يدخل عليهم أحد، ومن ثم سقطت عليه جميع الأغراض وتوفي مختنقاً.

وضعهم للفخاخ هو سبب شكوك الجيران في تصرفاتهم حيث أنه نادرا ما يخرجون ظناً منهم أنه يوجد مقتنيات ثمينة وبالفعل تكديس الأشياء هناك كان بلا حدود وهو مطمع للصوص.

وبالنسبة للعلاج يكون إما علاج دوائي أو علاج سلوكي معرفي ولكن يجب الاعتراف بالمشكلة أولاً فالاعتراف بالمشكلة هو بداية حلها.