زيد الشريف
زيد الشريف

د

احذر (رؤوف علوان)

مع بداية عام جديد؛ تجد الكثيرين يتحدثون عن (كيف يجب أن تبدأ هذا العام)، عن (المشاريع التي يجب أن تنجز)، وعن أشياء مثل؛ المصالحة، والحب، والوئام.

ولأني لست ممن يؤمن بكل هذا (الهراء) أتيتك مع بداية هذا العام محذرًا؛ لا مبشراً.

أتيتك محذرًا من (رؤوف علوان).

ممن يجذبك إليه؛ حديثه المنمق، ومنطقه المقنع!

أكاد أجزم أن مولانا (نجيب محفوظ) عندما فكر في نسج شخصية (رؤوف علوان) في رائعته (اللص والكلاب) كان على يقين أنه بصدد شخصية يجب التعامل معها بحذر بالغ؛ وذلك لكرزماتيتها الطاغية: التي قد تؤثر على (السارد) ذاته: فيصرف (النص) إلى ضفة، غير تلك التي أرادها الكاتب!

إننا نقف أمام كائن؛ ماهر، يعرف -جيدًا- كيف ينغمس في الداخل. يتشرب المعرفة؛ ليصل إلى الحقيقة؛ ثم يغرسها بين جنبيك؛ مشوهة، مشوشة، ناقصة الأركان، مطموسة المعالم؛ لتخرج من بين يديه: وأنت لست بالجاهل الذي يسأل؛ ولست بالعالم الذي يعرف كيف يسبر أغوار هذه الحياة.

وأقرأ التاريخ تجد؛ أممًا بأكملها قد ضاعت بسبب (رؤوف علوان)؛ وذلك، لأنهم سلموا عقولهم إليه؛ فاستخف بهم. قال تعالى عن (فرعون): {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.

 ولعلك قد سمعت من قبل عن (مدينة جونز) تلك المدينة التي انتحر جميع سكانها طواعية من عند أنفسهم، بل وسقوا أطفالهم (السيانيد) بأيديهم، دون أن يرمش لهم جفن، أو تهتز منهم يد!

 فما الذي دفعهم إلى ذلك؟

إنها الطاعة العمياء؛ للقس (جونز) الذي اجتر أتباعه -ما يقارب ألف شخص- من (أمريكا) إلى إحدى القرى على السواحل الشمالية لأمريكا الجنوبية. وأخبرهم، أنه يتوجب على كل شخص -يريد أن يدخل إلى  مدينته- تركُ جميع ما يملكه من؛ وثائق، وأموال، وكل ما من شأنه أن يربط أحدهم بماضيه خارج المدينة الجديدة.

فما كان منهم إلا الطاعة؛ وما كان منه إلا أن يقود القطيع إلى حتفه.

وبعد..

فإنه يتوجب علينا أن نحذر من (الكاريزما) حذرنا من (المخدرات) سواءً بسواء.

لأن شخصية كـ(رؤوف علوان) من الممكن أن تفسد عقولاً، وتهدم قلوبًا، دون جهدٍ يذكر!

وأنت يا (سعيد مهران) لن تجد مفرًا من الرضوخ إلى وساوسه: لأنك قد سلمت إليه زمام عقلك منذ البداية.

ستستوعب -يومًا ما- أنك قد خدعت؟

ربما، وحينها قد تحاول الإنتقام؛ لكن ذلك لن يجدي؛ لأن الوقت قد فات، وما أنت إلا دمية من صنع يديه؛ يعرف فيك الفكرة قبل أن تخطر على بالك، فيياغتك برد الفعل، قبل أن تخطو خطوة واحدة!

هل هذا يعني عدم الإيمان، بسرمدية؛ التلميذ، والأستاذ؟

ليس الأمر بهذه الحدة؛ لكن الأستاذ يجب أن يبقى أستاذًا؛ لا أن يتحول إلى قديس!

لكن، ماذا لو كنت أنت ( رؤوف علوان)؟

ليس أمامك إلا أن تكون أنت: كرزماتيةٌ جبارة، تأثير طاغي، وحب للحياة: وفق فلسفة خاصة.  لكن إياك أن تجعل من أحدهم (سعيد مهران).

#همسة

أعد  قراءة (التدوينة)… فليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل ما يُنشر في الكتب، أو التدوينات، أو على شاشات السينما، وغيرها؛ يستحق التصديق!