عبدالله الأحمري
عبدالله الأحمري

د

خارج عن المألوف في أروقة المدرسة

في يوم من الأيام الدراسية قابلت معلم مادة الرياضيات في أروقة المدرسة، وكنا غالبًا ما نتداول سويًا الأحاديث والأفكار حول التحديات التي نواجهها داخل المدرسة والإنجازات التي تحققت أو يجري العمل عليها لتتحقق..
المهم كان الحديث والفضفضة هذه المرة من جهة صديقي العزيز وزميلي المميز معلم الرياضيات..
حيث طلب مني الجلوس والانصات فقط لأنه يرى أن ما سيقوله تحدي مُعقد ويحتاج إلى كامل تركيزي لنصل لحلول عميقة ومجدية لمشكلته..
وقال: يا عبدالله نصابي عشرين حصة لأربعة فصول دراسية..
ومشكلتي مع هذه الفصول الأربعة مثل مشكلتي مع فصول السنة فأنا استمتع وأحب أجواء الشتاء والربيع ولكني لا أرتاح، بطيء التأقلم مع أجواء الصيف والخريف..
أي بشكل بسيط حينما أحضر لفصلي أ و ب أحضر بشغف وبروح عالية وحماس وحيوية ، وعندما أحضر لفصلي ج و د أشعر بثقل وغياب الشغف وقليل من الإحباط..
وحاولت عدة مرات أن أغير من هذه المشاعر وهذا السلوك ولكن دون جدوى ، وأحتاج لأفكار تساعدني في حل هذه الإشكالية..

رحبت بصديقي وزميلي المميز معلم مادة الرياضيات وبما طرح من تحدي يواجهه وطلبت منه مهلة لأحلل هذه المشكلة بشكل جيد وأوجد بعض الأفكار والطرق والأساليب التي ستساعده بإذن الله في تجاوز هذا التحدي..
إن هذا الموضوع ليس بجديد في عالم التربية والتعليم وهو محل اهتمام كل مربي ومعلم وخبراء التعليم..
والمشكلة الرئيسية لهذا التحدي أننا وضعنا الطلاب في قالب واحد.
ولتفكيك هذه المسألة وإيجاد حلول فعالة يجب أن نعمل على مجموعة من الأفكار والخبرات المتنوعة واستشارة المعلمين والمعلمات من ذوي الخبرة.
بعد مدة طلبت منه أن نلتقي لنتحدث حول هذا التحدي ونناقش سويا الحلول المناسبة بعد جمع عدد كبير من النقاط..

وفعلًا بدأنا بتفكيك المشكلة وتحليلها..
وخرجنا بنقاط متنوعة ومهمة منها ما هو واضح لدينا ومنها ما كان غائب عن تفكيرنا..

الفكرة الأولى يجب وحبذا علي كمعلم النظر لهذه الفصول الأربعة كأصدقاء لي ، مثل ما لدينا في حياتنا أصدقاء مختلفون.

الفكرة الثانية أن أغير الفكرة السلبية المتأصلة في ذهني عن هذه الفصول وعن طلابي على وجه الخصوص.

الفكرة الثالثة أن أنظر لهم بنظرة إيجابية ولا نستعجل في إطلاق الأحكام عليهم وأن نضع في الحسبان خصائص النمو لطلابنا وأنهم في مرحلة متغيرة ومتقلبة.

الفكرة الرابعة أن يضع معلم المادة برنامج تحفيزي خاص لطلابه يغير فكرتهم عن ذواتهم شريطة أن يقدمها نفس المعلم.

الفكرة الخامسة مع بداية الوحدة الجديدة في منهج المادة رسالتي للمعلم بسط بسط بسط لكي تحفز..
كيف ذلك ؟!
حينما تبدأ طبق الشرح المبسط ، حتى يتفاعل معك طلابك وتعزز لديهم الثقة بأنفسهم ، لأن الطالب لديه فكرة سلبية في عقله وهي أنه دائما يُخطئ وأن أخطائه المتكررة دليل على فشله، وهنا يكمن دور المعلم الفعال أن يجعل الطالب يجيب ويفرح بإجاباته.
فتحفيز المعلم لطلابه مهم جدا جدا جدا إلى مالا نهاية.
حتى لو تباسطت في الدرس لتكسب اندماج وتفاعل طلابك معك..

الفكرة السادسة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وهي مهمة جدًا، فاختلاف مستوياتهم أمر طبيعي يحتاج منا استيعاب وتقدير وضع كل طالب، وهذا من العدل والإحسان تجاه طلابنا..

الفكرة السابعة لا ترفع سقف التوقعات ولا تقارن بين الفصول لأنك عزيزي المعلم إذا رفعت سقف التوقعات فسيصيبك الإحباط ، وإذا قارنت فستظلم طلابك .

الفكرة الثامنة دعنا تتذكر أستاذي أن الفصل الذي تشتكي منه أصبح الآن مسؤوليتك وحدك ، وسوف تتحمل مسؤولية من سبقوك ، لذلك الحلول يجب أن تنبع منك ، وما ستطبقه بنفسك وبقناعة منك هو أعمق نجاح ستحققه مع طلابك..

الفكرة التاسعة ☕️ تقبل أن تنجح جزئيًا مع الفصول التي ترهقك والفصول منخفضة المستوى ، وابحث عن الخبرات في المجتمع التعليمي الذي قد تجد لديهم وأجزم إنك ستجد لديهم ما يساعدك ويطور من عملك ، وأيضًا المنصات التعليمية والتربوية المتخصصة مثل منصة أعناب المليئة بالخبرات العميقة التي ستعطيك مخزون معرفي عملي وواقعي يجود من مخرجات عملك.

الفكرة العاشرة
يجب أن نضع في الحسبان أصناف الطلاب في التعلم وطريقة التعامل معهم.
وهنا يجب علينا الإطلاع بشكل متكرر حتى ننجح في تحقيق النتائج التي نطمح لتحقيقها.

والفكرة الحادية عشر
قد تكون معلم متميز ونظرتك لطلابك أنهم بنفس مستواك جميعًا وهذا خطأ فادح، لأنك بذلك نسفت نظرية الفروق الفردية والواجب أن تتقبل طلابك كما هم.
وأن تصبر عليهم وتعطيهم وقتهم في الخطأ والتعلم واكتساب المعرفة والخبرة والمهارة.

وهناك ما يسمى بالمنحنى الاعتدالي وهو واقعي ومنطقي ويجعلنا نفكر ونتحرك في مسار سليم ومتوازن ومريح. والمنحنى الاعتدالي ببساطة هو أن نفترض ونتوقع أن 16 % من طلاب الصف متفوقين في مستواهم الدراسي و 68% متوسطي المستوى و 16 % منخفضي المستوى وهذا هو الطبيعي والأقرب للواقع وتقبله كما قلنا مسبقاً سيريحك كثيرًا ويساعدك في أداء مهمتك كمعلم بتركيز عالي ولا تتشتت بفكرة أن كل طلاب الصف كاملين أو أنهم متفوقين.

والفكرة الثانية عشر
إذا نظرنا لحياة الطلاب من زاوية إنسانية ولابد أن ننظر من زاوية إنسانية لأن ذلك عمق عمل المعلم والمربي وبعد ذلك يجب أن نقدر ظروف حياتهم الإنسانية وما يواجهون من تحديات ومشكلات أسرية واجتماعية وأحوال مادية.

ولنتذكر نحن مجتمع المعلمين والمعلمات أن التحديات والمصاعب اللي تواجهنا في الحياة المدرسية هي من ستصقل عملنا وتجعله نموذج مميز يحتذى به ونفخر به وكان الله في عوننا دائمًا وأبدًا ودمتم بخير..