بتول اسماعيل
بتول اسماعيل

د

ما هي الكتابة؟ وماذا تعني لي؟

أتعلم ما هي الكتابة؟..
هي أن يكونَ أمامكَ ألفُ خيارٍ لكنّكَ تتجهُ لإقامةِ معركةٍ بينَ ثمانيةٍ وعشرينَ حرفاً في ساحةٍ بيضاءَ وعندما تنتهي تصبحُ الأحرفُ أدواتاً للمشاعرِ تحمِلُها منتصرةً إلى السّاحةِ الملطّخةِ بآثارِ المعركةِ..

أجل المشاعرُ هي التي ربحت، تاركةً وراءَها أحرفاً تتصارعُ فيما بينها لإبرازِ شعوركَ الذي لم ولن يستطيع حبرٌ على ورقٍ أن يسطّرهُ، الكتابةُ باتت ملجأكَ الوحيدَ، والورق باتَ كاتمَ الأسرارِ الأوّلِ، وإن مضى يوم بدون كتابةٍ، يتّعطش لِحبرٍ يروي ظَمأَ خلاياهُ..

حديقةُ الأفكارِ واسعةُ المدى، أزهارها كلماتٌ و أحرفٌ وماؤها حبرُ قلمٍ أزرقٍ، يجري على الأوراقِ كنهرٍ عذبٍ تفيضُ على ضفتيه آلامكَ وأحزانكَ.
يتساءلون كيف نرسمُ الكلماتِ كلوحةٍ، ولا يعلمون أن لوحة كلماتنا ما هي إلا ألمٌ يُرسم ثم يُلوّن بتشكيلٍ ويُزيّنُ بشدّة. وأقول بوصفها _وأقصدُ الكتابة_:
“كان القلمُ منقذ وحدتي وألمي، كان أنيسَ ليالٍ غطّى الغيمُ قمرها، كلما أحسست بالوحدة، خرجت برحلة مع أحرفي، أحرفي التي لم تخن يومًا لجوئي إليها، كأن الله أودعها لتؤنس وحدتي التي تنتهي دومًا بكتابةِ قصّةٍ، نصٍّ، أو خاطرةٍ.
كلما احتلّني ألمُ الوحدةِ، تتحاورُ أحرفي مع ذاتي وفيما بينها، كالألفِ مثلاً، أسأله: “أنخرج ونحتسي القهوة؟”، جوابه الدّائم: “لا مانع لدي”.
حرف الدّال يقول لي دوماً: “دعينا نذهبُ إلى حيثُ اللامكان، فيه الزّمان متوقّفٌ عندَ محطةِ النّسيانِ، مكانٍ مليءٍ بورودِ نيسان، تُنسيكِ الوحدةَ وتبقيكِ بعيدةً عن الإنسانْ”.
يتدخّلُ حرفُ القافِ ليقولً: “قلبٌ داخلَ صدركِ لا تظلميهِ، وبرفاقٍ كثُرٍ آنسيهِ، الحياةُ فانيةٌ وليسَ بها، سِوى القليلِ منَ الحُبِّ فأكثريهِ.”.
يأتي حرفُ العينِ ليشاركَ في حوارِ رفاقهِ:

“عقلُ ميّزكِ الله به لتُفّكري إن كان الجميعُ أهلَ ثقةٍ وطيبةٍ، حياةٌ عِمادُها عقلٌ وازنٌ، دعيهِ يكتملُ بقراءةِ كتبٍ كثيرةٍ، ناقشي العاقلَ ودَعِ الجاهلَ لجهلِ قولهِ، فالعاقلُ من كانَ كلامهُ قليلاً”.
سأجمعُ أحرفي السّابقةَ، وأُشَكّلَ منها عِقداً، سيبقى حولَ عُنقي يُؤنسُ ما في قلبي من وحدةٍ.”