نادين عبد الحميد
نادين عبد الحميد

د

الوعي النفسي: لماذا يجب أن تفهم نفسك؟

أشعر أنني مغرمة بفكرة أن أحصي نتائج اختياراتي بمرور الوقت، أحب أن أنظر للوراء لأرى من أين بدأت كل شيء وأين أقف الآن بعد خطوات عبر الزمن، أعظم دائمًا فكرة مرور الوقت وكيف يكون الوقت قادرًا على إحداث معجزة ما فقط عندما نتحلى بالصبر، أن نبذل ما يمكننا أن نقدمه دون أن ننتظر منه شيئًا، لنتفاجئ مرة واحدة بالإنجاز الكبير الذي صنعناه بتراكم الكثير والكثير من الخطوات الصغيرة..

أننا فعلنا المستحيل الذي لم يكن أبدًا ممكنًا، وهذا ما أشعر به الآن بعد أن سمحت لنفسي ببذل كل ما أستطيع نحو مزيد من الوعي النفسي والروحي وكيف وصلت لما أنا عليه الآن.

عادة بسيطة تتحول إلى نتيجة عظيمة

بدأ الأمر بقراءات في كتب عدة ثم محاضرات عثرت عليّ دون أن أسعى إليها، فقررت أن التجربة إذا لم تنجح فلن أخسر شيئًا، وبدأت يوم بعد يوم أستمع إليها وأستمتع بها بينما أنهي التزاماتي اليومية، فبدلًا من الموسيقى بدأت بإدخال هذه العادة إلي يومي حتى أنها كانت تتسرب شيئًا فشيئًا دون ان أشعر بالعبء أو المجهود العظيم حتى أحافظ عليها، مجرد تجربة ولكن النتيجة هي الشيء المذهل في هذه القصة.

تقييم الذات هو حجر الأساس

كما ذكرت في السابق أن لدي عادة مراجعة نفسي وتقييم الأحداث بعد مرور فترة وأخرى، تلك العادة التي تجعلني أرى الاختلافات الجوهرية بين كل تغيير وأخر يطرأ على شخصيتي وكياني، كما لو أنني أتغيير وأضيف حجرًا جديدًا كل يوم ولكن دون أن أدرك ذلك إلا بمرور الوقت، الأمر نفسه حدث بوضوح بعد أن وجدت أنني انتهيت من كل المحاضرات التي كانت في قائمة الانتظار، وأستعد الآن للبحث عن مصدر آخر.

في حقيقة الأمر لم أتوقع أنني قد أنهيها يومًا فالأمر منذ بدايته كان مجرد تسلية لتمضية الوقت فحسب، ولكن لم أكن ممتنة أبدًا لشيء تعلمته مثلما كان امتناني لتلك التجربة.

لماذا يجب أن نشجع ثقافة الوعي النفسي؟

إذا سألك أحد ما إذا كنت تعاني من مرض نفسي أو مشكلة تحتاج لطبيب مختص بالتأكيد أول ما سيتبادر إلى ذهنك أنك لا تحتاج لمثل هذه الاستشارة فأنت لا تعاني من أي شيء، هكذا نظن دائمًا حتى نتعلم المزيد عن أنفسنا ونفهم ما يدور بداخلها، وندرك أننا أقل بكثير من أن نعرف كل شيء أو نفهم لماذا نختار اختيارات بدلًا من غيرها، أشياء قد نظن أنها عشوائية تحدث عن طريق الصدفة ولكن في حقيقة الأمر الإنسان لم يكن أبدًا بهذه السطحية ولا يمكن شرح نفسية كل شخص في جملة واحدة.

باختصار أريد أن أضع أمامكم وأمام نفسي في المقام الأول المنزلة الكبيرة التي يجب أن يحتلها الوعي النفسي في حياة كل شخص، نحن جميعًا نحتاج أن نلتفت لما نعانيه من اضطرابات نفسية قد تختلف شدتها ولكن لا يمكن أن ننكر وجودها، ولكن مع إدراك ماهيتها والاعتراف بها يصبح التعامل معاها أكثر سهولة وتقبلًا وتوفيرًا لكثير من الوقت الضائع الذي قد يبذله الإنسان في صراع داخلي لا يعرف له نهاية.

لماذا يجب أن تفهم نفسك؟

جميع الخبرات التي يمر بها الإنسان منذ السنوات الأولى في حياته، مرورًا بكل المحطات الأساسية في العمر تحتاج إلى وعي بنفسية البشر وكيف يمكن أن تتعامل مع نفسك بشكل صحي حتى تتمكن من النجاح في إقامة علاقات صحية مع الآخرين.

الكثير من العقد التي تنشأ بداخلنا يمكن حلها فقط عندما ندرك كيف نشأت وكيف يمكن أن نتعامل معها لنحظى بحياة أفضل ولكن نتقبل ضعفنا البشري فلا يتملكنا أبدًا وإنما نحكم سيطرتنا عليه، كل شيء يمكن ان يصبح أفضل مما هو عليه إذا سمح الإنسان لنفسه بأن يعرفها بصورة أفضل وان يواجهها بما هي عليه.