فادي عمروش
فادي عمروش

د

قراءة في كتاب منطق غير شائع

يبدو أنَّ مفهوم السير عكس التيَّار ليس بالأمر السهل، وخاصة حين نتحدَّث عن مواضيع الأعمال والاستثمار، فالجميع يعمل بهدف الربح. هنا يأتي كتاب “منطق غير شائع Uncommon Sense” للكاتب مارك هومر  للإضاءة حول بعض ما هو مشاع من مفاهيم خاطئة عن الأعمال والاستثمار والمال، والتي ذكرها الكاتب اعتماداً على خلال خبرته الواسعة في الأعمال بشكلٍ عام والعقارات بشكلٍّ خاص.

في هذه العجالة أطرح أهم الأفكار التي لفتت انتباهي خلال قراءة الكتاب اللطيف:

احذر السلوك الجمعي

نفضِّل بطبيعتنا البشرية -بشكلٍ عام- تجنب اتخاذ القرارات بأنفسنا واتباع رأي الآخرين، ولذلك نرى أنَّ أغلب الناس يتبعون السلوك الجمعي أو بالأحرى رأي القطيع كما هو متداول (هذه الكلمة بمعنى علمي وليس معنى سلبي). من مبدأ استثماري فليس ذلك جيِّداً، وحتى أنّه خطير رغم ما قد يظهره لك من تصالح مع مبدأ الربح والخسارة الجماعية. في الواقع ليست نظرية القطيع لصالح الجميع، وهنا بشير الكاتب إلى النظرية البيولوجية الأكثر شهرة والتي تقوم على فكرة “القطيع الأناني”، إذ يندفع الأفراد لضمان أنَّ الأعضاء الآخرين من فصيلتهم -وليس أنفسهم- هم من سيؤكلون من الحيوانات المفترسة، وهنا تبدأ صورة سياسة القطيع  بالتجلي لك إذ أنّها تصرُّف أناني ظاهره من أجل النجاة، لكنه في الحقيقة الأمر عكس ذلك. 

مخاطر السلوك الجمعي 

تأتي سياسة اتباع القطيع في الاستثمار بكثير من المخاطر التي تنجم من حاجة الأفراد العاطفية إلى قبول الآخرين بالخسارة، بمعنى آخر لك أن تتخيل أنَّك إذا خسرت رهاناً وكان الجميع على دراية به ولكن لم يقدم عليه أحد لأنهم يعتقدون أنه رمية يائسة بعيدة المنال. ستبدو أنت في أحسن الأحوال أقل كفاءة من الجميع، لكنك إن خسرت رهاناً أقدم عليه الجميع أيضاً بعد  ظنهم أن الفوز به مؤكَّد، لن تبدو أقل كفاءة من الآخرين، وهذا ما يدمِّر ثروة أغلب الناس. 

علاوةً على ذلك، نذكر بعض المخاطر التي تنجم عن سياسة اتباع القطيع: 

  • تؤثِّر في رفع سعر الأصول (الأصل هو أي شيء له قيمة اقتصادية مستقبلية يمكن قياسها والتعبير عنها بالدولار، مثل الأراضي، والمباني، والمركبات وغيرها).
  • تدفع لأن يقود الأعمى أعماً آخر، وذلك لعدم وجود المعرفة والخبرة بما يكفي ضمن سياسة الجموع. 

ويجدر الإشارة إلى أنَّ مجال الاستثمار والأعمال المعاصر أكثر تعقيداً من غريزة النجاة، ولكن يأتي الضغط الاجتماعي والخوف من الرفض أو إصدار الأحكام فقط لكون الشخص مستثمراً في الاتجاه المعاكس

حذار مما يروِّج له الإعلام

حين يبدأ الإعلام بالترويج لأي فكرة، فعليك التشكيك في هذه المعلومات وفي ما يسمى الرأي العام، وهنا يمكن ذكر فلسفة المنطق غير الشائع بوضوح أكبر. 

فلسفة المنطق غير الشائع

لديك الآن تصور عما تتكوَّن منه فلسفة المنطق غير الشائع، وهو أن تبقي عينك نصف مفتوحة على الأخبار ووجهات النظر السائدة، بالوقت الذي تتحقِّق به بنفسك وتنقِّب من خلال البحث عمَّا هو غير مروج له ولم يكتشفه الآخرون بعد، والسير عكس الاتجاه، وذلك ليس فقط لمجرد الاختلاف، بل من خلال التصنت لما هو محيط بك للبحث عن القيمة المخفية عن الجموع، وهنا يذكر لنا الكاتب كيف كان يقضي وارن بافيت (وهو رجل أعمال وأشهر مستثمر أمريكي في بورصة نيويورك، يُذكر أنَّه كان أغنى رجل بالعالم لعام 2008) وقتاً طويلاً في قراءة التقارير المالية للشركات لمعرفة عمليات الشركة، والإدارة، والعملاء المحتملين، ويتجاهل كثيراً مما يستثمر فيه القطيع، ويؤكِّد على الالتزام بالأعمال التي يفهمها بعمق. 

استراتيجيات النجاح والربح وفق الكاتب:

أولاً: اجعل نتائجك تتحدَّث عن نفسها

افعل ما تجيده فعلاً، واستمر بالتعلُّم والتحليل، ودع مؤشرات النجاح تتحدَّث عنك، سيلاحظ الآخرون ما تحقِّقه، لذلك النصيحة الدائمة هي أن تعمل بجدٍّ وذكاء وتضاعف نجاحك من خلال تطوير مهاراتك وخبرتك المتخصِّصة على نحوٍ أفضل وبشكلٍ مستمرٍّ

ثانياً: اقتدِ بالأفضل

أن يكون لديك من تقتدي به فهو أمر ملهم، وسيكون مساعداً لك بالتطوّر بطريقةٍ ماث

ثالثاً: فكِّر للمدى الطويل 

قد لا تكون هذه النصيحة محبذة لمجموعة من الناس التي تعتقد بأنَّه يجب أن تعيش يومك فقط وقد لا تعيش طويلاً، فلماذا يجب التفكير لمدى طويل؟ ولكن منطقياً، وفي حال كنت من الأشخاص التي ستعيش طويلاً، فماذا ستفعل؟ وهنا تأتي النصيحة بالتخطيط طويل المدى، لتحقيق أقصى قدر من الدخل. 

رابعاً: ابق مثابراً

تذكر أنَّ التغيير والبدء من جديد مرة أخرى يكلِّف كثيراً، لذا خطط وفكِّر جيداً للبقاء مثابراً، ممَّا يدفع أصولك للنمو. 

خامساً: أن تكون لديك مصادر متعددة للدخل

إنّ وجود مصدر واحد للدخل أمر محفوف بالمخاطر، فمع حدوث تغيير واحد خارج عن سيطرتك، يمكن أن يختفي مصدر دخلك بالكامل، وهنا تجدر الإشارة إلى الانتباه والعمل على تطوير وتنظيم مصادرك. 

سادساً: اصنع شبكة معارفك باهتمام

يعدُّ التشبيك مع الآخرين من الأصول المستمرَّة مدى الحياة سواء في العمل وفي الصداقات، فيمكنك الحصول على الدعم والإلهام مع الأشخاص الرائعين، لذلك أسِّس شبكة معارفك كما تؤسِّس محفظتك الاستثمارية أو مشروع التطوير العقاري بعناية واهتمام.

سابعاً: طوِّر نفسك

للاستمرار بتطوير معرفتك ومهاراتك، يجب أن تغذِّي عقلك بمواد تعليمية قيمة من خلال الوسائل كافَّة مثل: الكتب، والكتب الصوتية، والبودكاست، وفيديوهات يوتيوب، والدورات، والإرشادات.

خاتمة

في النهاية نرى كيف يدفعنا الكاتب للتفكير الآن بنمطٍ مختلفٍ، وذلك باتباع بعض الاستراتيجيات، والتي يمكن من خلالها توليد استثمار وربح بالاعتماد على استغلال ما هو غير معروف للآخرين، والسير بعكس التيار ربّما.