آلاء ريان
آلاء ريان

د

قم بفصل الانترنت واهرب – مراجعة فيلم “المعضلة الاجتماعية”

هل فكرت يوماً بالجانب المظلم لمنصات التواصل الاجتماعي؟ يقوم جيف أورلوفسكي في فيلم “المعضلة الاجتماعية” بكشف أعمق أسرار منصات التواصل الاجتماعي، و يشير إلى أن إدماننا عليها وانتهاكاتها لخصوصياتنا تعتبر من أهم ميزاتها، وليست أخطاء أو ثغرات يتم العمل على إصلاحها.

لا يخفى على أحد أن وسائل التواصل الاجتماعي مسببة للإدمان، لكن في الفيلم الوثائقي “المعضلة الاجتماعية” يوضّح بعض المنشقون عن شركات وسائل التواصل الاجتماعي ذوو الضمير المستيقظ الضرر الذي تسببه منصات الشبكات الاجتماعية، وهو ما يُعتبر ميّزة وليست خطأ كما يظنٌ البعض.

التلاعب بالسلوك البشري هو الطريقة الوحيدة للربح لأصحاب شركات وسائل التواصل الاجتماعي. رغبة المستخدمين بالتصفح اللانهائي والاستمرار بتلقي الإشعارات بشكل منتظم هو ما يحافظ على المستخدمين. يتم استخدام البيانات التي نشاركها مع هذه المنصات ليس فقط للتنبؤ بأفعالنا ولكن أيضًا للتأثير عليها، وهذا ما يحولنا كمستخدمين إلى فريسة سهلة للمعلنين والمروّجين.

أنت المُنتَج

“إذا كنت لا تدفع مقابل المنتَج، فأنت هو المنتَج”.

الاقتباس الذي أثار انتباه جميع من شاهد هذا الفيلم هو “إذا كنت لا تدفع مقابل المنتج، فأنت هو المنتج”. يقوم موظفون سابقون بهذه الشركات بالإفصاح عن أن التغيير التدريجي والطفيف وغير المحسوس في سلوكنا وإدراكنا عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو ما يجعلنا المنتج و السلعة الأساسية. بياناتنا تُستغل من قبل هذه الشركات للتأثير علينا بشكل أو بأخر عن طريق التأثير على سلوكياتنا و الأفعال التي نقوم بها. في المقابلات التي تم جمعها في هذا الفيلم يتحدث أورلوفسكي مع آخرين من الرجال من النساء الذين ساعدوا في بناء وسائل التواصل الاجتماعي عن خوفهم من آثار إبداعاتهم على الصحة العقلية للمستخدمين حيث يقومون بتحذيرنا بقوة عن طريق استخدام أمثلة تظهر الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي.

“لم يحدث من قبل في التاريخ أن اتخذ 50 مصمماً قرارات سيكون لها تأثير على ملياري شخص”

يقول تريستان هاريس، خبير أخلاقيات التصميم السابق في غوغل: “لم يحدث من قبل في التاريخ أن اتخذ 50 مصمماً قرارات سيكون لها تأثير على ملياري شخص”. كما توضح آنا ليمبك، خبيرة الإدمان في جامعة ستانفورد، أن هذه الشركات تستغل حاجة دماغنا التطورية للتواصل بين الأشخاص من أجل تحقيق أهداف ربحية بحتة.

الأخبار المغلوطة تدرّ بالأموال على هذه الشركات

وفقًا لفيلم نيت فليكس الوثائقي، تنتشر الأخبار المزيفة الآن أسرع بستّ مرات من الأخبار الحقيقية، لذا تحرص خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي على الاستفادة من رغبة المستهلكين في التآمر و حبهم للفضائح. بهذا يوضح الفيلم أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تقوم باختطاف واستغلال علم النفس البشري من أجل الربح المادي. حيث تعطي هذه الشركات الإمكانية للمستخدمين بترويج الإشاعات والفضائح بسهولة تامة. سرعة انتشار هذا النوع من المحتوى يكون غالباً جالباً للربح بسبب سرعة انتشاره وهو ما يمكن استغلاله والاستفادة منه اقتصادياً أو سياسياً.

أنت مختبئ في فقاعة

تقوم هذه الشركات بالتأثير علينا كمستخدمين عن طريق وضعنا في فقاعة يصعب الخروج منها. تقوم وسائل التواصل الاجتماعي وبمساعدة الخوارزميات بتعريضنا بشكل متعمد لأشخاص يملكون نفس اهتماماتنا واخبار تسلط الضوء عن أهمية معتقداتنا. بهذه الطريقة يتم تغييبنا عن رأي الأخر واهتماماته. الاجتماع الكترونياً بأشخاص يملكون نفس الاهتمامات والتعرض لأخبار مرتبطة بآرائنا تجعلنا على المدى الطويل أكثر إيماناً بمعتقداتنا وأكثر تعصباً لآرائنا. هذا يجعل من الآخرين أشخاص أغبياء وربما أعداء بعد وقت قصير فعليّاً. هذا ينمّي على المدى الطويل الكراهية والبغض للفئات التي تمتلك آراءً ومعتقداتاً أخرى.

توصيات مخيبة للآمال

على الرغم من الاعترافات والقضايا المطروحة في الفيلم التي أثارت اهتمام الكثيرين، إلا أن التوصيات النهائية للمستهلك العادي أتت بشكل مخيب للآمال. تتضمن اقتراحات المساعدة الذاتية مثل: إيقاف تشغيل الإشعارات؛ إلغاء تثبيت التطبيقات التي تسبب مضيعة للوقت؛ التحقق من المصادر قبل مشاركة المحتوى وأخذه على محمل الجدّ؛ القيام بمتابعة أشخاص لديهم آراء مختلفة عنك. وبهذا يبدو أن فيلم “المعضلة الاجتماعية” يقوم بوضع العبء على عاتقنا نحن المستخدمين، عندما ينبغي أن يطلب المزيد من الاجراءات من المشاركين في صناع هذه المنصات.