ولاء عطا الله
ولاء عطا الله

د

أحاديث عالقة

أخبرهم أنك بخير، لا داعي لكتابة سطور كثيرة تصف فيها يومك المريع، فلست وحدك الذي يستيقظ بصعوبة بالغة من شدة الصداع جراء الأرق أو الكوابيس. لست وحدك الذي يستيقظ ليجد نفسه غارقا في عرقه. فجميع بلادنا تعشق قطع الكهرباء على مواطنيها في شدة الحر ليعلموهم كيفية الاسترشاد!
ولا داعي لسرد أعراض مرضك تفصيلاً، فلن تأخذ منهم سوى التجاهل، أخبرهم أنك مريض لكنك بخير أيضاً!

_ لا داعي مثلا لتعبري عن فرحتك واهتمامك بشكل كبير اتجاه حمل صديقتك، فلربما تظن أنكِ ستحسدينها هكذا، خاصة وأنتِ عزباء ثم أن هذا طفلها الثاني. نعم، هي تدري بسعادتك وحريتك في الخروج، لكن هذا قانون لا يتغير! فرحتي لها، وفي المقابل أبعدتك حتى لم يعد بينكما سوى التحايا الباردة.. لا تنس أنني حذرتك!

_ لا تتسرع بإخبار صديقك عن فتاتك، فربما تكون فتاته أيضاً.. في الواقع كلاكما يشك في الآخر، كم لمحته وهو ينظر نحوها بإعجاب خفي. أنت جريء وبهذا لك السبق في الفوز بها! لكنك لن تخسر صديقك. رغم حبك الجارف لها ستفرط فيها، ثم أنها مثل نجمة كلما مرت تأملها الجميع برغبة خفية غامضة. لها إذن مع أنها لم تزل تأجج قلبك بالشوق!

_ صرتِ ترين نظرات الخوف في عيون أخيك، والمعاملة المتكلفة من زوجته. أيظن أنك تحسديه؟ ألا يدرك أن هذا الخير الذي ينعم فيه هو وأولاده وأحفاده هو ميراثك أنتِ وأختيكِ. والدك حقير، أعطاكِ الفتات أنتِ وأختيكِ وترك له كل شيء، ومع هذا أنتِ تقبلتِ قراره كقدر أعمى. أنهم يعلمون أن قلبك أبيض وساذج، لو حسدتي وحقدتي لكان في وقتها، لكنت ارتديت ثوب البغضاء والقطيعة، لكن الدم لم يهن عليك، وهذا لو يعلمون أعظم. دعيهم لحقارتهم إذن ولا تحزني كونه قطع صلته بك، فلن تعرفي شيء عن عوض الله.

_ الحب ونس وسكن لكن لا تتوهموه لمجرد أنكم تشعرون بالوحدة. هذا تصرفه يشي بالاعجاب، هذه رغم بعدنا إلا أنني أشعر بقربها، هذا يتصرف بنضج أنه يشبهني!! كلها جمل نتناولها ونظل نمضغها طوال الوقت واهمين أنفسنا بالوقوع في الحب. وهو ليس إلا فراغ مميت ووحشة داخلية. جربوا أن تبتعدوا عن هذه المثيرات، ابتعدوا حد الاختفاء وستعرفون كم كنتم بلهاء.
أتعرفون اللحظة التي نسير فيها بسلام وتأني ثم وفجأة نتعثر في حجر فيختل توازننا ونفقد مزاجنا الرائق، هكذا الحب سَيُضع لنا كما الحجر أينما كنا.

لكل منا أحاديثه العالقة، لكن قبل أن تتذكروها ويجرفكم الحنين والعتاب. لا تنسوا قول ابن عربي..

“كل بقاء يكون بعده فناء لا يعوّل عليه.. كل فناء لا يعطي بقاء لا يعوّل عليه”