إسراء عصام فتحي
إسراء عصام فتحي

د

الذاكرة الجمعية ووعي المجتمعات

تساهم الذاكرة الجمعية في بناء وعي المجتمعات و الشعوب باختلاف ثفافتها و انتمائتها..
وتعتبر الذاكرة ظاهرة اجتماعية لكونها مشتركة ما بين اكثر من فرد أو مجموعة من الأفراد داخل جماعة معينة وليس إرث بيولوجي فحسب او عملية نفسية داخلية ترتبط فقط بفردٍ ما او تنحصر داخل عقله …إنما هي حلقة تدور ما بين المجتمع و الفرد… حيث يكتسب الإنسان ذكرياته ولحظاته الخاصة نتيجة تفاعله مع الجماعة ؛لتتفاعل تلك الذكريات الفردية مكونة ذاكرة جماعية تكون فيما بعد حصاد الموروث الشعبي لكل مجتمع، حكاياه و أساطيره ، انتماء الأفراد به ، عاداتهم وتقاليدهم ، وحتي علي مستوي العاطفة في الحب و الكره لثقافة أو قيم شعب آخر مختلف عنهم في الموقع و المعايير.

فما هو البعد الاجتماعي للذاكرة.. ؟
هناك علاقة طردية واضحة ما بين ذاكرة الشخص الفردية وبين المجتمع الذي ينتمي له وذلك من أصغر محيط – الأسرة ، الأصدقاء ، بيئة العمل – وحتي اكبر محيط الذي يمثل المجتمع ذاته… وبالتالي فهى متغيرة غير ثابته ، تتشكل وفقاً لاختلاف الاحداث، تطور الوعي ، مستوي التعليم ، معطيات الحاضر وما قد يشكله فيما بعد من مستقبل جيل آخر ، توقع نسبي لما سيؤول عليه وعي الأجيال القادمة في تقبلها أو رفضها لموروث تفكير من سبقهم و بناءً ايضاً علي موازيين القوى التي قد تسيطر علي مجتمع في فترة ما خلال تاريخه.

يتجلي دور الذاكرة الجمعية في المجتمعات التي تتسم بالتنوع الثقافي و الديني بين فئات الشعب الواحد ، ومدي تعامله مع اختلافات الآخر و تقبلها ولذلك يلاحظ وجود حقد متوارث في بعض بالمجتمعات علي مستوي المذهب الواحد أو علي مستوي الأعراق المختلفة الموجودة به حتي وإن كان هدفها الأصلي يدعم اشياء أخري ومصالح ما تستخدم الذاكرة الجمعية كقناع لإخفاء الحقيقة أو التيار الذي يرغبوا إن تسير به الدولة… خاصة مع التهميش المجتمعي الذي تعاني مع بعض فئات الشعب علي حساب استقطاب فئات أخرى، قد تكون نتجت أهميتها لكونها أكثرية أو لكونها تتحكم بمقاليد الحكم و السياسات المختلفة.. وذلك علي مستوي المجتمع الغربي و الشرقي علي حدً سواء.

وأمثال هؤلاء يحرمهم الله من نعمة العقل التي تمحنهم رؤية جمال تنوع الجانب الثقافي و الدينى داخل المجتمع… الأمر الذي يكسب إثراء حضارى لكل وطن في ظل المساواة واحترام قيم المواطنة، تعايش مشترك مع المقابل ، تقبل الآخر وتفهمه وترك المساحة الحرة له طالما لا يضر..

و هنا يكمن دور كل مجتمع في بناء جسور عقليه، متصلة و بناءة ما بين فئات الشعب واطيافه المختلفة.. الأمر الذي يساعدهم فيما بعد علي مواجهة صراعات داخلية كانت أو خارجية و تنشئة أجيال قادمة سوية علي المستوي المعرفي، الثقافى و النفسي ؛ وذلك عن طريق بناء مكون مشترك يجمع الإنسان ولا يجزأه من خلال حضارة المجتمع التاريخية ، العلم ، الفنون و الأدب وكل مجال إبداعي من شأنه التأثير في إنسانية الفرد ، من خلال بناء يقوم علي اسس تصل إلي جذور الأرض ممتدة إلي عنان السماء غير خاوية فلا تضعف او تهتز أو يسقط معها المجتمع بسقوط أفراده.