إسراء عصام فتحي
إسراء عصام فتحي

د

وعي الأفراد ووعي المجتمعات!

يعتبر الوعي الاجتماعي واحداً من الموضوعات التي تنال أهمية كبيرة في الدراسات الاجتماعية… لما لها من دور رئيسي في تشكيل وعي وثقافة الفرد، كما إنها تعد الأساس المرجعي له في نظرته المختلفة للأشياء، ربط الاحداث و تحليلها، تبين الحق من الباطل والصواب من الخطأ…

وبالتالي يكون وعي المجتمع مرهون بتطور وعي أفراده؛ وذلك فيما يخص كل محور من محاور المجتمع.. الاجتماعية منها، السياسية والثقافية أيضاً.
يرتبط تشكيل الوعي الاجتماعي بمجموعة من الروافد الرئيسية والتي تحدد مسار جريانه داخل عقول أفراده.. مدى تشكيلها وعمق مجراها..
من بين تلك العوامل التي تساهم في تكوين عقل كل فرد داخل مجتمعه؛ (الأسرة، الجماعات المرجعية، الاحزاب السياسيه، المرجعية الدينية ومدي اعتدالها أو مدي تطرفها، وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
ما هو الوعي الاجتماعي؟
يُعبّر عن الوعي الاجتماعي في ابسط صيغة له عن مشاركة الوعي الجمعي ما بين افراد المجتمع ، باختلاف خلفياتهم الثقافية، عاداتهم و تقاليدهم ، كما إنه يعبر عن مدي الفهم و الوعي بما يدور حول الفرد داخل محيطه الاجتماعي…

تفاعله مع أحداثه مما يخلق تطور اجتماعي لتركيب المجتمع فيما بعد.. أما بالسلب وإما بالإيجاب.
الأمر الذي يجعل الوعي الاجتماعي محور رئيسي من محاور تقدم المجتمع و نهضته، ولكن لابد اولاً من النهوض و الارتقاء بوعي أفراده ليتجلي فيما بعد علي محيط أكبر فأكبر بعد.

يعبر كارل ماركس عن الوعي الاجتماعي بأنه مجموع النظريات، الأفكار، التفاعل الاجتماعي و المشاعر الاجتماعية ، الآراء ، العادات والتقاليد التي توجد لدي الأفراد و تعكس و تشكل واقعهم بشكلاً ما… وبالتالي يختلف الوعي الاجتماعي بإختلاف الزمن و بإختلاف المكان ، تبعاً لتغير نوعية الوعي الفردي الذاتي لدى الأفراد، وتبعاً أيضاً للثقافة السائدة داخل كل مجتمع خلال حقبة ما أو عقد معين..

فالمجتمع العربي قديماً يختلف عن المجتمع العربي اليوم، رغم أن النسخة القديمة قد ساهمت في تشكيل النسخة الحالية بشكلاً ما.. وكذلك المجتمع الغربي حيث يمر كل مجتمع بمراحل تطور وإن اختلفت نوعيتها.

وقد أوضح (تشارلز كوكي) إن الوعي الاجتماعي لا يمكن فصله عن الوعي الذاتي… حيث لا يستطيع الإنسان التفكير بنفسه أو من خلال وعيه الخاص إلا لو كان قد اكتسب بالفعل مجموعة من الأفكار ، العادات و السلوكيات التي شكلت فرديته فيما بعد واستقلاله الفكرى..

إلا لو اختار الفرد حينها التمرد علي ذلك الوعي المكتسب وتشكيل وعيه الخاص من خلال مراجعه الفكرية، الثقافية و الاجتماعية. سواء كانت تلك المرجعيات إيجابية واعية أو سلبية متطرفة.
لذلك نجد داخل كل مجتمع افراد يتبنوا الوعي و الرقي منهجاً.. و آخرون يسلموا التطرف طريقاً و مساراً.
الوعي الاجتماعي قابل للتشكيل ، التجديد و التطور ، إن أراد الإنسان الإقدام على ذلك.. و اختار تحديداً ما يريد أن يتبناه من أفكار و ما يسير عليه من منهج.
إن تبني النهوض بالوعي الإنساني لابد أن يسبق خطوة النهوض بالوعي الاجتماعي القومي.. ما فائدة أن تُحرك إنسان تجاه مجتمعه إن كان هو في الأصل ساكناً تجاه إنسانيته و تجاه محيطه الأصغر.. قوة كل مجتمع ترتكز علي مدي عمى أفراده ومدى إبصارهم.