حليم 90
حليم 90

د

الحِمل!

أرأيت إن كنت بين الأمواج، لحظة عزّ التلاطم، وكنت كمثل الشيء الذي يطفو على سطحه، اتخيلت كم موقعًا قد تقذفك إليه الأمواج في اللحظة؟ إنه الحِمل!

هذا الحِمل لابد أن يكون هائلاً أو لا يُسمى حِملًا حتى وإن كان وديعاً.

إن المسؤولية يا هذا وإن بدت لك هيّنة أثقل من السماوات وأقبض على نفسك من قبضة فك التمساح، فاسأل عن الإنسان الذي تغيره السنين، لا تغيره بذخًا، بل تُغيره جبرًا لا تخييرًا، فيظهر مهزوما مُتقبلًا، تُسميها المجتمعات نُضجًا.

إن الهزيمة هُنا وهُنا فقط لا تغدو كونها سوى هزيمة حتمية شريفة، وهي الهزيمة الوحيدة التي يسعى لها الإنسان في كل الميادين.

كل اللحظات التي تدوس فيها على رغبات لأجل رغبة من تُحب، وكل تلك الأيام التي حرمت نفسك فيها من كامل الملذات لأجل ملذة طفلك البسيطة البريئة، ماهي إلا الهزيمة الشريفة التي تجيّرك إليها الأحمال.

تقرأ الأحمال سهلة، ثم تطبقها وكأنك تسحب جسدك زاحفاً، ثم تختفي منك كل الحكائم و العظة، و تقدّر المقادير بميزانها أو تفشل فتتهدم ويصادف بناءك في كل مرة هدم.

الحِمل نتاج أن تكون إنسان، معرفة وجود الحِمل نتاج الانهيارات، فبدون أن تنهار يومًا لن تعرف الحِمل و بالتالي فإنه شيء مجهول تمامًا إلى أن تجده يهيم بضغطه عليك، تشعر بالقدرة العادية حتى يُكسر ظهرك مرةً، فتغدو من كونك جاهلا بالحِمل إلى مدركا بحقيقة وجوده.

هو ليس طرف صراع، أو طرف بسببه تميل هنا أو هناك، بل معرفة وجوده يخلق بك حالة عامة من التوازن و الإدراك، فلن يجتمع توازن وإدراك ما دام الحمل غائب المعرفة عنك.

الحِمل يأتي تباعا بعد ثمرات الإدراك، أن تُدرك يعني أن تظهر لك المعاني التي لن يُعلّمك إياها إنسان، الحِمل نتيجة من نتائج الإدراك، فإن لم تسمع من قبل بالحِمل فإن الإدراك يحوم حولك أو لم يصلك بعد.