غزوان فرحان نوايا
غزوان فرحان نوايا

د

عقدة زيارة الطبيب النفسي في العالم العربي!

جميع العيادات الطبية ممتلئة عدا عيادة الطبيب النفسي !

هذا ما لاحظته بنفسي مراراً وتكرارا، ولم أكد أن أسأل نفسي عن السبب حتى تأتني الإجابة سريعاً من صديق لي يمتنع عن زيارة طبيب نفسي خشية العار الذي سيرافقه من حديث أقربائه عنه !!

لقد اشتكى لي من واقع المجتمع الذي يعيش فيه بإحدى البلدان العربية، من النظرات الدونية التي ترافق المريض النفسي الذي يفكر فقط بزيارة أحد الأطباء النفسيين، فإذا فعل … فهو في نظر الآخرين مجنوناً !!

ليس هذا فحسب، بل تأتي المعارضة من داخل الركن العائلي، فيقال له : من يذهب إلى هؤلاء الأطباء هم المجانين فقط. أنت لا تحتاج إلى ذلك، إنك تأكل وتشرب وتنام وتذهب إلى عملك كل يوم ولم نرى بك أي تغيرات، فما الداعي إذاَ لذهابك لهؤلاء الأطباء الذين لن يجلبوا لك سوى ثرثرة الناس وابتعادهم عن تزويج بناتهم لأمثالك !

مع العلم أن صديقي يعاني من اضطرابات خطرة قد تودي بحياته نحو الانتحار. فأفكاره سوداوية والبؤس ينهش قلبه والضياع يأكل عقله، كل هذا وهو في ريعان شبابه ! فما المشكلة إذاً في زيارة طبيب نفسي ؟

المشكلة في تفكير المجتمعات العربية الرجعي اتجاه هذا الموضوع وهذه المعضلة، ونظراتهم الدونية للمرضى النفسيين أو لكل إنسان يتناول عقاقير نفسية تحسن من مزاجه أو تحارب اكتئابه الذي انغص عليه حياته، وما أن استفاق منه حتى يجد نفسه في ألسنة من حوله ” إنه مجنون ” !!!

إن معدلات الانتحار في المجتمعات العربية التي تعاني من الظروف الصعبة تأخذ منحدراً خطراً، كل هذا بسبب انعدام الثقافة اتجاه الأمراض النفسية وعدم الاعتراف بها على أنها أعراض خطرة قد تودي بصاحبها إلي ما لا تحمد عقباه، إنها لأمراض أشد خطورة من وجهة نظري من الأمراض العضوية والسبب بسيط … لأنها أمراض محسوسة وليست ملموسة. فقد تُجبر يدك المكسورة بعد عدة شهور ولكن .. من يجبر لك قلبك الذي أتعبه الحزن بسبب الاكتئاب ؟؟

من هذا المنبر، قررت أن أسلط الضوء لأرفع معدلات الوعي الثقافي اتجاه المرضى النفسيين الذين لم يحالفهم الحظ بعد من زيارة الطبيب، وأن ألحق بهم قبل أن تودي أمراضهم النفسية بهم نحو الهاوية.