سامي الذبياني
سامي الذبياني

د

هل للاسم أثر على صفات وأخلاق صاحبه؟!

هل للاسم أثر على صفات وأخلاق صاحبه؟!

أقول جوابًا على ذلك: نعم، للأسماء تأثير على أصاحبها، تأثير حسيَّ وآخر معنوي.

فأما التأثير الحسي، فأنت لا تكاد ترى رجلين لهما نفس الاسم، إلا رأيت بينهما تشابهًا وتماثلًا في الصورة والهيئة، فترى لهما نفس التقاسيم في الوجه والانف والفم والعين..

 وبعض الناس قد لا يلاحظ هذا التشابه لما قد يطرأ على الإنسان من أسباب تُغيّر في شكله، أو قد تصرفه عن أصله، كعمليات التجميل مثلًا..

وأما التأثير المعنوي فترى الرجلين لهما نفس الاسم ولهما نفس الاخلاق ونفس الأفكار والآراء، أو قد تجد بينمها توافقًا في الأذواق، وكل هذا قد لا يُلاحظه بعض الناس لأثر قد يطرأ على الإنسان فيغير من صفاته وأخلاقه وأذواقه، كأثر البيئة التي ينشأ فيها الإنسان، فترى الرجل الذي يعيش في البيئة الباردة له طبائع وأخلاق تتباين مع من يعيش في البيئة الحارة، وهكذا، فكما قيل: الإنسان ابن بيئته، فالبيئة التي ينشأ فيها الإنسان قد تُغير من صفاته وأفكاره وأخلاقه وآرائه، ولهذا ينصرف هذا التماثل والتشابه أو قد يزول بالكلية ..

أما عن سبب هذا التماثل الحسي والمعنوي فهو في رأيي عائد إلى أثر طبيعة الاسم على صاحبه، فلكل اسم اشتقاق من صفات صاحبه، تُبين طبيعته، فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لكثرة محامده وصفاته الحسنة قدّر الله له هذا الاسم فسُمي محمدًا، وهذا خالد الصحابي الجليل قدّر الله له هذا الاسم لخلوده في معاركه ضد أعدائه، وهو رضي الله عنه الذي يقول: ” لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رمية، وها أنا ذا أموت عَلَى فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء ” فكأن الله قدّر له هذا الاسم ليُخلّد في معاركه ويموت على فراشه، وهذا عليُّ رضي الله عنه كان عليًا على كل من يُقاتله فما دخل مبارزه إلا وكان الأعلى والمنتصر فيها، وقس على ذلك..

حتى الجمادات تجد لها من اسمها اشتقاقًا يدل على معناها، فمثلًا ” الممحاة ” مشتقه من المحو، فالاسم في رأيي يُفسّر عن معناه أولًا ثم يدل على دلالات حسية ومعنوية تؤثرعلى صاحبها ثانيًا.

وبعض الناس يتهاون في التسمية ويرى أن الاسم ليس له أثرٌ على المُسمّى، فيُسمي بأسماء ذات معانٍ قبيحة، فيكون  قُبح هذا الاسم صفة لازمة لمن سُمي به، وقد ينقلب هذا الوصف إلى خُلق وطبع في صاحبه..

وأذكر على هذا مثالًا: فقد قرأت في كتب التاريخ أن أمة لأحد الخلفاء العباسيين كانت تُسمى “قبيحة” وكان لها من  هذا الاسم نصيب، فقد ذكر عنها رواة التاريخ فضائع تدل على قُبح صفاتها وأخلاقها، وقبح مصيرها وعاقبتها، والدلائل حول ما أشرت إليه كثيره، ولو كان لي في العمر بقية، لكتبت عن هذا الموضوع كتابًا، أضع فيه على ما ذهبت الأدلة، وأذكر البراهين والحوادث، وأستدل على ذلك بأدلة شرعية وأدلة حسية وعقلية، والله أعلم