نعمت شاهين
نعمت شاهين

د

عندما تُصبح حياة الإنسان أرخص ما في الوجود!

في ظل الحياة المتطورة التي نعيشها، هناك العديد من التغييرات والتطورات التي تُحيط بنا وبمن حولنا.. فنلاحظ أن هناك تبدّل كبير في ثقافة الأفراد والجماعات، والمقصود بالثقافة هي أفكار الإنسان التي يكتسبها من البيئة التي يعيش فيها؛ وهي قناعاته ومبادئه ومعتقداته..

الملاحظ أن هناك ظاهرة جديدة منتشرة داخل فئة الشباب أكثر من غيرهم؛ ظاهرة لم يتجاوز عمرها العشر سنوات لكن ‏انتشارها سريع، وتأثيرها أكبر مما يجب.. ظاهرة المؤثرين الاجتماعيين على وسائل التواصل الإجتماعي، هؤلاء المؤثرون الذين يدعون بأنهم يقدمون محتوى ضروي ومفيد ومهم!

هناك فئة كبيرة منهم لا يقدمون ‏شيء.. بل إن ما يقدمونه له تأثير خطير على الأجيال الحاضرة والقادمة، كما أن نسبة كبيرة من الأفراد والجماعات تأثرت بهم وتتأثر بشخصياتهم بشكل يومي، فهناك مَن يصورهم على أنهم المثل الأعلى لهم ويحاولون تقليدهم والتطبّع بهم!

ولو أستعرضنا قليلاً مما تقدمه هذة الفئة من محتوى.. قد نجد أن هناك فئة كبيرة منهم والتي تسمي نفسها بأسماء غريبة مثل Fashionista وBlogger والتي تختص بتعليم الفتيات كيفية وضع مستحضرات التجميل ولبس الموضة.. كما أنها تنسق ملابسها أمام المُتابعين.. هذه الفئة في الوقت الحالي منتشرة بصورة كبيرة..

وهناك فئة مُختصة بالذهاب إلى أماكن التسوق والمطاعم وتصوير البضائع والطعام وذلك بسبب كثرة عدد المتابعين لديهم، والفئة الأخرى التي تصور حياتها بكامل تفاصيلها وخصوصيتها؛ فتستعرض تفاصيلها مع شريك حياتها ومع جميع أفراد الأسرة وأطفالها أيضاً..

لهؤلاء الأشخاص تأثير كبير على الجيل الحالي، ليس لأهمية المحتوى الذي يقدمونه بل من أجل الرفاهية والمثالية والمردود المادي القادم مما يفعلوه لمتابعينهم، ويسعون لإظهاره لهم بشكل دائم. فنحن لا نستطيع أن ننكر أن هذا الجيل يعشق الماديات والكماليات والمثالية ويسعى إلى تحقيقيها.. ولا نستطيع أن ننكر أن نسبة لا ‏بأس بها من هؤلاء الذين يطلقون على ‏أنفسهم لقب المؤثرين اجتماعياً يحاولون جاهداً إظهار سعادتهم وثروتهم ونجاحهم لجميع متابعيهم بشكل دائم.

وحقيقة هؤلاء المشهورين مزيفة وليست كما يصورونها للجميع، لأنه لا يوجد سعادة ‏دائمة، ومثالية قصوى. فحياتهم عبارة عن مسرحية طويلة جداً ومملة أيضاً. فهدفنا من الحياة أكبر من الجري وراء صيحات الموضة والتجميل ومشاهدة حياة رتيبة باردة مليئة بالإحداث التمثيلية المملة.

نحن نملك الحرية بأن نكون كما نريد ليس كما يرد الآخرون والإنسان مخلوق ذكي ليتعرف على الصواب من الخطأ وما يناسب حياته، ولأن لا أحد يعرفني أكثر من ذاتي فلماذا أحتاج إلى نصائح هؤلاء المشهورين وفلسفتهم الغريبة!

إنها ليست سوى دخائل جديدة على المجتمع العربي، تهدف إلى تغيير ثقافة عظيمة يتجاوز عمرها مئات السنين، ولأن حياة الإنسان هي أسمى ما في الوجود ولا نريد لها أن تصبح أرخص ما في الوجود.
وهذا لا يعني أن تكون ضد التغيير، ولكننا نريد التغيير الإيجابي الذي يهدف إلى الشيء الحقيقي.. الذي يضيف إلى حياتنا معنى و يُعلمنا أشياء جديدة تغير شخصينا للأفضل.. نحن لا نريد التغيير الذي يهدف إلى اللا شيء!