دانية عوض
دانية عوض

د

قراءة في كتاب “الإنسان يبحث عن المعنى” ٢

اسم الكتاب : الإنسان يبحث عن المعنى

المؤلف : فكتور فرانكل

دار النشر: دار القلم 

سنة النشر :١٤٠٢ هـ/١٩٨٢ م

عدد الصفحات :٢٠٩

لقد قال دوستويفسكي ذات مرة: ( يوجد شيء واحد فقط يروعني :((وهو أن لاأكون جديرًا بآلامي)).

“هذه كلمات راودت عقلي مراراً وألحت عليه بعد أن أصبحت مدركاً لأولئك الشهداء الذين يحمل سلوكهم في المعسكر ويفصح عذابهم وموتهم فيه عن حقيقة بأن الحرية الداخلية الأخيرة لا يمكن فقدها. ويمكن القول كذلك أنهم كانوا جديرين بآلامهم ، فالطريق التي تحملوا بها آلامهم تمثل انجازاً داخلياً أصيلا.

تلك هي الحرية الروحية وهي التي لايمكن سلبها من الإنسان وهي التي تجعل الحياة ذات معنى وهدف “.

ص٩٥

يأتي الكاتب بجواب لسؤالي القديم ، هل نحتاج لواجهه حسنه حتى نُبدع..!؟

لكن ليس معنى هذا أن الإبداع والاستمتاع هما ألوان الحياة الغنية بالمعنى دون غيرها .فإذا كان هناك معنى للحياة بصفة عامة ،فإنه بالتالي ينبغي أن يكون هناك معنى للألام والمعاناة ، فالألم والمعاناة جزء من الحياة يتعذر الخلاص منهما ، شأنهما في ذلك بل في مقدمتهما القدر والموت، وبدون المعاناة لا تكتمل حياة الإنسان .

إن الطريقة التي يتقبل بها الإنسان قدره ويتقبل بها كل مايحمله من معاناة ، والطريقة التي يواجهه بها محنه، كل هذا يهيئ له فرصة عظيمة حتى في أحلك الظروف لكي يضيف إلى حياته معنى أعمق .

ص ٩٦

وهذا يذكرنا بالحديث عن الحكمة من الإبتلاء ..وهو موضوع واسع يأخذك معه بعيدًا عن العاطفة إلى أسباب عديده تكون من مُحصلات الإبتلاء والألم والمعاناة في هذه الدنيا ، وقد اعجبتني عبارة وردت في كتاب نضرة النعيم حيث اختصر أوجه وألوان الحياة ..

“وهنا تكون تربية النفوس على تحمل ألوان الحياة المختلفة الخاضعة لسنن ثابتة عامة ضمن مقادير ﷲ الكبرى ، و هذه الحكمة التربوية ذات فلسفة عظيمة في سر الألوان المتضادة التي تتعرض لها الحياة ، إن اللذة لا تعرف قيمتها إلا بالألم وإن الجميل لا يُعرف جماله مالم تعرف صورة القبح وإن الكمال لا يدرك كماله إلا بالنقص ، وبضدها تتميز الأشياء.”

كتاب نضرة النعيم /القيمة التربوية للإبتلاء / الفصل الرابع /ص٢٦

فحينما يجد الإنسان أن مصيره هو المعاناة ، فإن عليه أن يتقبل آلامه ومعاناته كما لو أنها مهمة مفروضه عليه -وهي مهمة فريدة ومتميزة- .

وعليه أن يعترف بحقيقة أنه حتى في المعاناة هو فريد ووحيد في الكون .

ولا يستطيع أحد أن يخلصه من معاناته أو يعاني بدلًا منه .

ففرصته الفريدة تكمن في الطريقة التي يتحمل بها أعباءه ومتاعبه.

١٠٩ص

“أن اكون جدير بمعاناتي بآلامي”

وكأنه جعل المعاناة وسام شرف قُلده هو بدون قرار منه وجهد ، لكنه سيكون على قدرها ويطمح أن يكون كذلك…

هذه النظرة للمعاناة والإبتلاء مُلهمة !

وكأنه جندي أُوكلت إليه مهمة خطرة تتطلب روحه لكنه الوحيد المختار لها من بين العالم أجمع هو وحده الأجدر بها ، هكذا قرر رؤساءه . هل سيحمل إلا  فخرًا وألمًا ومسؤولية إتمام مهمته ؟

كذلك أنت بالبلاء بالمعاناة بالألم الذي تحمله ..

هل تكون هذة إلا مهمة لك وحدك أنت المسؤول عنها أمام خالقك 

تفاصيل مهمتك ألمك معاناتك لك وحدك

من بين الخلائق كلهم

لا يوجد من واجه الأحداث التي تحمل في ذاكرتك  

لا يوجد ما يشبه المهمة التي تحملها.

فالحياة تعني في النهاية الاضطلاع بالمسؤولية لكي يجد الإنسان الإجابة الصحيحة لمشكلاته ويحقق المهام التي تفرضها على كل شخص بصفة مستمرة .

ص١٠٨

يتحدث عن القرار الداخلي بشكل جميل جداً وهل تؤثر البيئة الخارجية على الإنسان …. وسماها “الحرية و الاختيار “

إننا نحن الذين عشنا في معسكر الإعتقال نستطيع أن نتذكر أولئك الاشخاص الذين يمرون على الأجنحة لكي يهدئوا من روع الآخرين ، ويضحون بإعطائهم آخر كسوة من خبز تبقى معهم. ربما كان هؤلاء الأشخاص قله من حيث العدد ولكنهم يقدمون دليلاً كافياً على أن كل شيء يمكن أن يؤخذ من الإنسان عدا شيئاً واحداً: وهذا الشيء هو آخر شيء في الحريات الإنسانية. وهو أن يختار المرء اتجاهه تجاه ظروف معينة، 

أي أن يختار المرء طريقه.

كانت هناك على الدوام اختيارات عما يأتي به الشخص ففي كل يوم وفي كل ساعة تأتي الفرصة لاتخاذ القرار ..

وهو القرار الذي يحدد ما إذا كنت تنوي أن تخضع أولا تخضع لتلك القوى التي تهدد بأن تسلبك من ذات نفسك..!

من حريتك الداخلية، وهو القرار الذي يحدد أن تصبح أو لا تصبح لعبة في يد الظروف ..

ص٩٥

عند حرية الإختيار ، هذة القوة الإنسانية التي تركز على أن الإنسان حين يخضع لبيئة تجعل منه معدومًا من كل شيء ومعدومًا من التعبير عن نفسه مع ذلك لا يزال يملك قوة داخلية صافية في أن يقرر مايختاره من طريق ..

ذلك يُذكر بالآيات في سورة الشورى حيث يتضح جليًا وجود حرية الإختيار ، في الصفح أو عدمه ، حسب ما يستطيعه الإنسان ، لكن من لديه الصفح مؤكد هو الذي لديه العزم الأكبر

دائمًا ما استوقفتني هذا الآيات في تنوع الإختيارات

ولعلي اختم باقتباس

“ومن هنا كانت الحياة جهادًا .. والجهاد عند المثقف لذة .. كما هو حركة ، والحركة بعض لذائذ الحياة لا السكون ولا الدعة التي هي من لذاذات القبور . إن المثقف التام التثقيف الذي تثقف حسه، وتثقف عقله، وتثقف قلبه ، وجمع العرفان والحكمة ، هو أسعد رجل على هذة الأرض.. سعيد في شبعه وجوعه، سعيد في عريّه واكتسائه.. سعيد مابقي له شعاع عقله، ودفء قلبه، وتفتح بصيرته “.

ديل كارنيجي /كتاب كيف تكسب النجاح والتفوق والثروة في حياتك /اسرار النجاح والسعادة /ص١٧٣