إسراء عصام فتحي
إسراء عصام فتحي

د

داخل طرقات الحياة!

يصبح الإنسان ممتناً راضيا عندما يستشعر النعم التى تحوطه بفرط رعايتها و جودها.. عندما يفهم الإنسان نفسه فيفهم أرضه ويفهم الآخرين ممن حوله ، عندما تنتصر نزعة الخير داخله على الشر ، النقاء على الحقد ، عندما يكتفى بذاته مانحاً غيره ما كان مطالبا به كإستحقاق وحق شخصى فى أمسه ناسياً إسعاد نفسه بنفسه قبل أن يقدم ذلك غيره له ، حين يترفع و يتغاضى عن الصغائر لتستطيع روحه أن تفهم و تكتشف الحقائق و الكبائر ، حين يجد طريقه ويسعى تجاه شغفه ، حين يفهم رسالته فى الحياة فيسعى إلى تحقيقها زاهداً فى كل قبح وطمع من حوله.

حين يكون هدفه أسمى من الانشغال بالآخر ليسيطر العلم و المعرفة على عقله و روحه… بحر كلما أبحر فيه وتعمق داخله فهم كيفية التعامل معه و سبل الإبحار فيه..
كبحار فهم كيفية التعامل مع أمواج الحياة و دوامات القدر وضربات الزمان… مثلما يتعامل مع أمواج البحر…
وما الحياة الا بحر بإختلاف مستويات أعماقه كإختلاف عقول البشر و الظروف ؛ منا من اختار الوقوف على الشاطىء مراقباً الرمل و الآخرين ممن يسبحوا.. ضاحكاً عليهم إن لم يستطعوا التجديف ، حاقداً عليهم إن استطاعوا ، دون أن يكون له دوراً يذكر خلال كل ذلك سوي التنظير و الحكم لتذهب حياته فناء لفرط ما أهدرها علي غيره ، تودعه الأرض كما استقبلته دون اثرً أو تأثير.. العالم لا يبالى يمن لا يغير به و لا يراه.

و منا من يقرر النزول ليتعلم و يتعلم حتى يترقى فى كل مرحلة من مراحل الحياة في مستويات الوعى و التفكير ، يتعلم شيئاً جديدا يساعد به نفسه ويساعد به غيره ، يؤثر و يتأثر ، يحمى نفسه ويواصل التعمق إلى أن يصل لأرض أخرى داخل الحياة و داخل روحه ، ليسير اغوارها و بحارها من جديد…وما الحقائق إلا كينونة كبرى من التفاصيل تضم داخلها حقائق أخرى قد يتداركها الإنسان أو لا يلاحظها. وهكذا تظل حياة الإنسان بحر ثم أرض ، مجهول ثم فهم، خوف حتى الاكتشاف وحياه متجددة دون فناء.

ويسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه… ليضحك الشباب لاهيا بصباه ويبكى الرجل و الشيخ على ما فات من العمر… و تظل الحياة تعيد الكرة مرة تلو الأخرى ، منا من يفهم المغزى مبكراً فيفهم الدرس و الرحلة ويسعى لاكتشاف الطريق، ومنا من تلهو الحياة به وتسخر قبل أن يسخر هو من سنواته ليصبح أضحوكة فيما بعد داخل سيرك روحه.
تتأرجح الحياة بنا مابين المأساة و الهزل- ككفتى الميزان- يظل الزمان يحرك الإنسان ما بين الكفة و الأخرى… وأثناء رحلة العبور تلك من هنا و هناك يفهم الإنسان المعنى من رحلته و طريقه و يدرك غاية وصوله ومسعاه.