فادي عمروش
فادي عمروش

د

التعليم خارج الصندوق

لقد أضحى التعلمُ مدى الحياة أمراً أساسياً لا مناص منه، فبحكم تعويض التكنولوجيا للعديد من مهام البشر، فقد خلقت البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والحياة الذكية أنظمة قوى عاملة جديدة وتتطلب مهارات حديثة. لذلك هناك حاجة ماسة لتصوُّر مهن جديدة، وبالتالي، تجديد طرق التعليم الراهنة التقليدية التي لن تكون نافعة بعد حين.

عندما يولد طفلك عليك التفكير بمستقبل المهن، وكيف سيتغير العالم بعد 20 سنة، والتفكير بالمهارات الواجب تعليمها له. إنّ العالم متسارع أكثر، فبينما كان الموظف يقضي جلّ حياته سابقاً في مهنةٍ واحدةٍ، وعملٍ واحدٍ لعشرين عاماً مثلاً، أصبح اليوم يغيّر مهنته أو يغير وظيفته لعدة مرّات، قد تصل وسطياً 8 مرات خلال الحياة المهنية.

إنّ التعليم التقليدي لن ينفع بعد الآن، لعلّ المعادلة القادمة هي تعليم الطفل والشاب مهارات حلّ المشاكل والتركيز على الإنجازات، وليس التعلّم لأجل التعلّم، بالإضافة للتعلّم المستمر مدى الحياة.

إنّ المهنة التي تعمل بها بداية حياتك المهنية في سن 22 مثلاً لن تبقى معك للأبد، كما حدث مع والدك أو عمّك.

إنّ إحدى الإتجاهات الأن هي التعلّم المستمر مدى الحياة، وبتطبيق عملي أكثر، التعليم الإلكتروني، حيث يعادل سوق التعليم الإلكتروني سوق الألعاب الإلكترونية وينمو أسرع بالضعف. إنّ هناك حاجة لتعليم الأطفال مهارات جديدة، مثل القيادة، حلّ المشاكل، مهارات التشبيك مع الآخرين، مهارات العرض، ريادة الأعمال.

يجب التركيز على رؤية جديدة للتعليم، والانتقال من العمل الفردي للجماعي، من النجاح الشخصي للنجاح الجماعي. يركّز النظام التعليمي التقليدي على النجاح في المواد الدراسية وإجتيازها فحسب، ولا يركّز للأسف على الإنجازات، وحلّ مشاكل حقيقية للمجتمع للأسف. هل تتذكر درستك وكيف كان التميّز هو بالحصول على المركز الأول ونيل درجة عالية، ولو أضطر البعض لحفظ مسألة في الرياضيات دون فهم سبب حلّها؟

علينا التركيز بشكل أقل على التعليم بحد ذاته مقابل التركيز على النجاح. إنّ التعلّم ليس هدف التعليم، وإنما هدف التعليم هو الإنجاز. عندما تذهب للنادي الرياضي، فأنت تركز على الإنجاز، ولا تطلب شهادة من النادي بأنك قد قمت بأداء التمارين، أليس كذلك؟

علينا أيضاً التفكير بتعليم الأطفال البرمجة،مهارات التصميم وحل المشاكل، استكشاف المجهول، فمثلاً 49% من المهن ذات الدخل العالي في الولايات المتحدة الأمريكية تتطلب مهارات برمجية.

علينا إيلاء أهمية دمج ريادة الأعمال في في المدارس، وتعليم الأطفال كيف يصنعون الأشياء، ويخطئون ومن ثمّ التعلّم من أخطائهم، علينا تعليم الأطفال بناء تطبيقات موبايل، وإتاحة الفرصة لهم لوضع حلول مجتمعية والمشاركة بها، كي يكونوا جاهزين لبدء أعمالهم حين يحين الوقت المناسب.

لا نعاني الآن من موارد للتعليم، التعليم المجاني متاح بكثرة، الموارد هائلة عبر شبكة الإنترنت، ما ينقصنا هو زرع الرغب بالتعليم.

في عصر جوجل، هل نحتاج حقاً للحفظ الببغائي والمذاكرة البصمية؟ هل حقاً علينا حث الطلاب على حفظ تاريخ معركة ما إذا كان جوجل يعطيك الجواب أسرع؟

لا يمكن إيقاف الطفل الذي يحب التعلم والوصول إلى الموارد، إنّ تجربة كمبيوتر محمول لكل طفل هي خير مثال على ذلك، لا يتمثل دور المعلم في تزويد الأطفال بالمعرفة الجاهزة ، ولكن بالأحرى توفير المساحة والموارد والدعم للأطفال.

يجب أن نبدأ بتعليم الأطفال الأشياء العملية وأن نعلمهم في النهاية ” كيف ” يتعلمون ونلهمهم أن يختاروا التعلم حين تصادفهم المشاكل في الحياة

لن يعد يجدي نفعاً تعليم الطلاب من كاتالوج جاهز، وحين يخرجون للحياة العملية يجدون الكاتالوج قد تغيّر، ما يجدي نفعاً تعليمهم أن يتعلموا عبر الوقت ويجدوا المصادر لما سيواجههم.

تم اقتباس وترجمة بعض الأفكار من نافال رافيكانت من حواره الشهير مع شاين باريش في مشروع المعرفة.