فادي عمروش
فادي عمروش

د

أدوات بناء الفيديوهات التَّفاعليَّة

اعتمدت الكثير من العلامات التجارية في الآونة الأخيرة على الفيديوهات التَّفاعليَّة لتعزيز التَّفاعل المباشر مع المستهلكين، وتحقيق الأهداف التَّسويقيَّة، وعلى الرّغم من حداثة هذا النَّوع، إلا أنَّه أثبت فعاليَّةً، ونجاحاً كبيرين في عالم التَّسويق.

بعد مرور وقتٍ طويلٍ على استخدام الفيديوهات التَّقليديَّة، جاءت الفيديوهات التَّفاعليَّة لتشكّل ثورةً جديدةً في عالم التَّسويق، ممَّا سهَّل في توظيفها في مجالاتٍ عدَّةٍ تصل حتَّى نطاق السِّياسة وحشد الجماهير. سنتعرف في الأسطر القادمة إلى أهمّ ما يتعلَّق بالفيديوهات التَّفاعليَّة، ومدى أهمِّيتها، وكفيَّية استخداماتها، أدواتها، وميِّزاتها وعيوبها.

نسرد في هذه العجالة خلاصة ما ذكرته كمبيرلي جو Kimberly Goh _أحد أشهر مصمِّمي الفيديوهات التَّفاعليَّة، وخبيرة التَّعلُّم الإلكترونيِّ حول تصميم الفيديوهات التَّفاعليَّة، والأدوات التي تعيننا على ذلك.

الفيديوهات التَّقليديَّة، والفيديوهات التَّفاعليَّة

اعتاد روَّاد التَّسويق والأعمال الاعتماد على الفيديوهات التَّقليديَّة، أي الفيديوهات التي يكون فيها المستخدم مجرَّد متلقٍّ سلبيٍّ يقتصر دوره على تشغيل وإيقاف الفيديو، والتَّسريع أو الإبطاء، وأقصى تطوُّرٍ يمكن تحقيقه هو استخدام فيديوهات الرُّسوم المتحرِّكة.

لم يعد هذا الدَّور السَّلبيّ للمستخدم يلبِّي تطلُّعات السُّوق، ولا تطلٌّعات المستخدم حتَّى؛ لأنَّنا نعيش في عصر المشتِّتات التي تنازع اهتمام المستخدم في كلِّ منصَّةٍ.  عصرٌٌ عنوانه السُّرعة ممّّا اضطَّر صُنَّاع المحتوى إلى انتهاج نهج الفيديوهات التَّفاعليَّة التي تعطي المستخدم القدرة على التَّفاعل مع محتوى الفيديو نفسه عبر استخدام مجموعةٍ من الأدوات، والقيام بعددٍ من الإجراءات مثل: النَّقر، والسَّحب، والإفلات والتَّمرير لأعلى وأسفل كما يحدث في المواقع الإلكترونية تماماً، وغيرها من الإجراءات المختلفة.

أهمِّيَّة الفيديوهات التَّفاعليَّة

يزداد انتشار هذا النَّوع من الفيديوهات بسرعةٍ كبيرةٍ في العديد من المجالات التَّسويقيَّة والتَّعليميَّة؛ لما تتمتَّع به من مزايا وإمكاناتٍ انعكست بالدَّرجة الأولى على الجودة، والرِّبح والسُّهولة. فعلى سبيل المثال كانت الطَّريقة الوحيدة لقياس نجاح أو فشل التَّسويق بالفيديو التَّقليدي هي حساب معدَّلات المشاهدة بينما يوضِّح الفيديو التَّفاعليُّ تفاصيل أعمق تساعدنا على تحسين حملاتنا المستقبليَّة، وقياس النَّجاح الحقيقيّ من عدمه.

مزايا الفيديوهات التَّفاعليَّة، وعيوبها

تمتاز الفيديوهات التَّفاعليَّة بالعديد من المزايا فهي:

  1. تزيد من الدَّور التَّفاعليِّ للمستخدم مقارنةً مع الفيديوهات التَّقليديَّة.
  2. تساهم في زيادة معدَّلات التَّحويل.
  3. تحسِّن من تجربة المستخدم.

وأمَّا عيوبها التي تعيق وتمنع استخدامها:

  1.  ارتفاع كلفة العرض والبرمجة مقابل العائد.
  2. زيادة احتمالية حدوث أعطالٍ خارجيَّةٍ.
  3. عدم توافر فنيِّين مختصِّين لاستخدام الأجهزة، وتشغيلها، وصيانتها.

توظيف الفيديوهات التَّفاعليَّة

تتعدَّد مجالات استخدام الفيديوهات التَّفاعليَّة بين التَّسويق، والتَّعليم، والتَّدريب، وغيرها، إذ تتَّسم بالكثير من الإمكانات التي تجعلها محطَّ أنظار العديد من الشَّركات الكبرى، والهامَّة. أُجريت العديد من الدِّراسات حول الفيديوهات التَّعليميَّة، وتوصَّلت إلى نتائج تؤكِّد مستوياتٍ عاليةٍ في الأداء، والأرباح، وحتَّى تجربة مستخدمٍ أفضل.

نأخذ قطاع التَّعليم على سبيل المثال، ونجد أنَّ الفيديوهات التفاعليَّة تزيد من دافعيَّة المتعلِّمين، وتفاعلهم ممَّا يحقِّق فهماً أكبر للمفاهيم الصَّعبة في أوساط المتعلِّمين، كما توفِّر قاعدة بياناتٍ ضخمةً لتعزيز الموضوع التَّعليميِّ والمناقشة حوله، كما وتزيد أيضاً من سرعة استرجاع المعلومات وتقلِّل الحاجة إلى تكرار الشَّرح نتيجة العرض المتميِّز للمحتوى التَّعليميِّ.

كما يمكن تزويد الفيديوهات التَّفاعليَّة بتقنيَّاتٍ تتيح للمتعلِّمين مشاهدة الفيديوهات، ثمَّ طرح أسئلةٍ عليهم بواسطة جهاز الكمبيوتر الذي يتلقَّى إجابات المتعلِّمين، ويقسِّمها، ويقدِّم تغذيةً راجعةً، وتعزيزاً فوريَّاً مع الاحتفاظ بإجابات المتعلِّمين. تعطي هذه الفيديوهات المتعلِّمين فرصة المشاركة والتَّفاعل، وتتيح لهم حرِّيَّة اختيار الموضوع الذي يريدونه. كما يوفِّر الفيديو التَّعليميّ فرصةً للتعلُّم البنَّاء لأنَّه يدعم بعض العمليَّات المعرفيَّة الضَّروريَّة للتَّعلُّم.

تُستخدم الفيديوهات التَّفاعليَّة أيضاً في مجال التَّدريب إذ يُعطى فيها المتابعون خيار رسم الرَّحلة التَّدريبيَّة فتكون النَّتيجة موافقةً لتطلُّعاتهم. شيءٌ يشبه “اختيار مغامرتك الخاصَّة” لكنَّها مشاركةٌ تأخذ فيها الجمهور إلى مستوى أعلى من التَّشويق والجذب. تخيَّل مثلاً إنشاء فيديوهاتٍ تدريبيَّةٍ تفاعليَّةٍ من أجل موظَّفيك يكون فيها اتِّخاذ القرار هو حجر الأساس فيها، فيعيش الموظَّفون فيها في بيئةٍ تحاكي البيئة الواقعيَّة، لكن مع فرصة ارتكاب الأخطاء في بيئةٍ آمنةٍ إذ يستطيعون البدء من جديدٍ بعد أن يكونوا قد تعلَّموا من أخطائهم، ممَّا يجعلها الطَّريقة المثلى في التَّعليم.

سمات الفيديوهات التَّفاعليَّة

تأتي الفيديوهات التَّفاعليَّة في ثلاثة أشكال مختلفةٍ:

لقطات الفيديو الحيَّة: يمكن إضافة قالبٍ تفاعليٍّ إليها يحوِّلها إلى لعبة فيديو؛ مثلا خدمة Confident Contractor التي أُنشئت بطريقة الفيديو التَّفاعليِّ بهدف تدريب المقاولين العاملين في تنسيق الحدائق، بالإضافة إلى قصَّةٍ سرديَّةٍ، وقراراتٍ، ومؤقّتٍ زمنيٍّ، ونقاطٍ. كان الغرض من ذلك تحويل الفيديو التَّدريبيّ التَّقليدي إلى فيديو تفاعليٍّ إذ تزيد هذه العناصر من الدَّمج بين اللَّعب، والتَّدريب إضافة إلى أنَّها تتيح فرصةً لتتبُّع مسار تقدُّم المشارك عبر نظام إدارة التَّعلُّم.  

الفيديو التَّفاعليّ باستخدام الرُّسوم المتحرِّكة:  وهو خيارٌ بديلٌ جيِّدٌ في غياب نظام لقطات الفيديو المباشر، أو الحيِّ. أحد برامج الرُّسوم المتحرِّكة هي Vyond إذ يوفِّر هذا البرنامج إمكانيَّة تعديل الشَّخصيَّات بما يتناسب مع الخلفيَّات، والدِّيكورات المستخدمة.

الفيديوهات التَّفاعليَّة المركَّبة من الصُّور: على سبيل المثال: Workplace War Zone  التي تمَّ استخدام شروحاتٍ توضيحيَّةٍ فيها لعرض منتجات العميل، وعلامته التِّجاريَّة، وتأثيراتٍ صوتيَّةٍ، وتعليقٍ صوتيٍّ احترافيٍّ، وعدَّة قراراتٍ، وثلاث نهاياتٍ مختلفةٍ.

هاكم عدَّة أمثلةٍ عن فيديوهاتٍ تفاعليَّةٍ أنشئت لأغراضٍ مختلفةٍ:

  •  Confident Contractor تدريب المقاولين، أو الموظَّفين لإكمال مهامٍ محدَّدةٍ.
  • Breakthrough Board برنامجٌ توجيهيٌّ غير ربحيٍّ لصالح أعضاء المنصَّة.
  • Workplace War Zone يعلم الزَّبائن المحتملون حول فوائد المنتح.
  • Broken Co-worker يساعد المتابعين في تعلُّم كيفيَّة التَّعامل مع Office bully

بعض أدوات الفيديوهات التَّفاعليَّة

Storyline 360

أداة تطوير محتوى التَّعلُّم الإلكترونيِّ التي تسمح بإنشاء سيناريوهاتٍ متشعِّبةٍ، وتتيح إضافة الأزرار، وإضافة نقاطٍ لاتِّخاذ القرارات، ونهاياتٍ متعدَّدةٍ. تمتلك مكتبةً ضخمةً من الميِّزات التَّوضيحيَّة، وصوراً واقعيَّةً مترافقةً مع وقفاتٍ وتعبيراتٍ قابلة للتَّعديل. إضافة إلى نظام عرضٍ قويٍّ من أصل الأداة، ما يسمح للعملاء إعطاء فيدباك مباشر.

تناسب الأداة جميع أجهزة ماك، وأجهزة الحاسب الشَّخصي Pc، وأجهزة الموبايل والإنترنت، وأنظمة إدارة التَّعلُّم، ويأتي الاشتراك في هذه الأداة ضمن منتجاتٍ أخرى لشركة Articulate. حتى أن هناك هناك حسمٌ تعليميٌّ للطَّلبة، والمعلِّمين، والمؤسَّسات التَّعليميَّة، وفترةٌ تجريبيَّةٌ لمدَّة شهرين. لا يمكن استخدامها في native Mac environment لذا إذا كنت من مستخدمي Mac عليك تثبيت برنامج  virtual machine

Vyond

منصَّةٌ سحابيَّةٌ أمريكيَّةٌ لإنشاء مقاطع فيديو متحرِّكة، وتعرف رسميَّاً بـ GoAnimate أداةٌ فعَّالةٌ تتيح إنشاء فيديوهات رسومٍ متحرِّكةٍ في أنماطٍ، وصيغٍ مختلفةٍ مثل: نمط الأنيميشن على السّبورة البيضاء الذي يُستخدم عادةً في صنع الفيديوهات القصيرة، و النَّمط المتوافق مع الأنشطة التِّجاريَّة وهو النمط المُستخدم في إنشاء Breakthrough Board، والأنماط المعاصرة التي تتيح استخدام شخصيَّاتٍ مناسبةٍ للخلفياَّت، والدِّيكورات المستخدمة، القابلة للتَّعديل لتتناسب مع ألوان العلامة كما تتيح للمستخدم تغيير تعبيرات الوجوه، والوقفات، والحركات لجميع الشَّخصيَّات، ومزامنة الشِّفاه عن طريق استيراد الملفِّ الصَّوتي أو تسجيله، ثمَّ ربطه مع الشَّخصيَّة، وتبدأ شفاه تلك الشَّخصية بنطق الكلام بالتَّزامن مع التَّسجيل الصَّوتي تلقائيَّاً.

يستطيع المستخدم استيراد صورٍ خاصَّةٍ به وإضافة حركات كاميرا مثل الدَّوران، والتَّكبير، والتَّصغير لإضافة المزيد من التَّفاعليَّة. تُستخدم بصورةٍ رئيسةٍ من أجل الرُّسوم المتحرِّكة. لا تكون الميزات متاحةً أثناء عمليَّة التَّسجيل مثل إضافة نقاط اتِّخاذ قراراتٍ، أو عناصر تفاعليَّةٍ، ولإضافة العناصر التَّفاعليَّة تحتاج إلى تصدير فيديوهات الرُّسوم المتحرِّكة بصيغة ملفِّ mp4 ثمَّ استيراد الملفَّات إلى أداةٍ أخرى مثل storyline 360 و Camtasia.

يقدّم البرنامج فترةً تجريبيَّةً لمدَّة أسبوعين، واشتراكاً مدفوعاً شهريَّاً أو سنويَّاً، وعدَّة فئاتٍ تسعيريَّة لاختيار المناسب منها. وبسبب كونها أداةً سحابيَّةً؛ فهي مناسبةٌ لنظامي التَّشغيل ماك وويندوز، ولكن النَّمط المعاصر متاحٌ فقط في النُّسخ المدفوعة، أو النُّسخ المخصَّصة للمؤسَّسات . أداةٌ جيِّدةٌ لإنشاء فيديوهات الرُّسوم المتحرِّكة، ولا سيما  في عدم توافر اللقطات الحيَّة.

Camtasia

أحد منتجات شركة تيك سميث، وهي أداةٌ ممتازةٌ من أجل تسجيل الشَّاشة، وتحرير الفيديوهات، وإضافة عناصر تفاعليَّة باستخدام ميزة النُّقاط الحيَّة التي تسمح بإنشاء أزارٍ قابلة للنَّقر، وإضافة تفرُّعاتٍ من هذه النُّقط إلى مواقع أخرى في الفيديو ذاته، أو الانتقال إلى مواقع خارجيَّةٍ مثل صفحة هبوطٍ، أو موقعٍ إلكترونيٍّ جديدٍ.

لإنشاء محتوى تفاعليٍّ باستخدام هذا البرنامج يوجد ثلاث طرق:

  1. نشر الفيديو على الموقع screen cast.com  منصَّةٌ لاستضافة الفيديوهات الخاصَّة بشركة تيك سميث، وثمَّ مشاركة الرَّابط.
  2. نشر الفيديو باستخدام برنامج Smart Play -من منتجات شركة تيك سميث- ثمَّ تستضيف الفيديوهات على موقعك الخاص.
  3. نشر الفيديوهات كحزمة سكورم، وتحميله على نظام إدارة التَّعلُّم الخاص بك.

spot.ai

مخصَّصةٌ لتحسين الفيديوهات التَّفاعليَّة لأغراض البيع، والتَّسويق عبر الإنترنت. يتوافر فيها إنشاء نقاطٍ حيَّةٍ قابلة للنَّقر ما يسمح للزَّبائن بشراء المنتج مباشرة، أو النَّقر للحصول على شروحاتٍ توضيحيَّةٍ حول المنتج. هذه الأداة ممتازةٌ للعاملين في مجال البيع والتسويق، وتستخدمه الشَّركات الكبرى مثل Elli.  تقدِّم فترةً مجَّانيةً، وخطط اشتراكٍ سنويَّةً، وفصليَّةً،  وتتحدِّد كمِّية المبلغ المطلوب دفعه حسب عدد التَّفاعلات مع الفيديو.

يجب الانتباه إلى وجود الكثير من الجهات التي تبيعها؛ لذلك يجب التَّأكد منها قبل شراء المنتج منها من ناحية قوَّة بقائها واستقرارها. مثلا لو أنشأت فيديو تفاعليَّاً في مجال التَّدريبات تحتاج أن تتأكَّد من وجود الجهة البائعة لمدَّة 5 سنواتٍ على الأقل من لحظة حصولك على المنتج. وأمر آخر لزيادة جودة فعاليَّة الفيديوهات التَّفاعليَّة هو التَّركيز على الأفعال التي يجب أن يقوم بها المتابع وليس على ما يحتاج معرفته. على سبيل المثال إذا كان هدف نشاطك زيادة المبيعات حدد الأفعال التي يجب على البائع القيام بها عند التعامل مع الزبون، والأخطاء الشَّائعة التي تتسبَّب في خسارة في المبيعات.

ختاماً..

إن كنت ممَّن يعمل في مجالٍ يتطلَّب استخدام الفيديوهات؛ فعليك أن تنتقل من مرحلة الفيديوهات التَّقليديَّة إلى الفيديوهات التَّفاعليَّة لتحقيق أقصى فائدة ولكن يبقى السُّؤال الأهمّ: كيف تجعلها سلاحاً في يدك، وليس سلاحاً يعمل ضدَّك؟