فادي عمروش
فادي عمروش

د

8 طرائق عملية لزيادة معدل القراءة

يتمنى معظمنا أن يزيد معدَّل قراءته، وأن يقرأ المزيد من الكتب في كلّ عام، وذلك لأهميّة القراءة في تطوير المعارف وزيادة المعلومات في أعمالنا المختلفة وتخصّصاتنا الدّراسية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة لأنّ قراءة الكتب تحتاج إلى استراتيجيات معيَّنة، وأساليب خاصّة لزيادة ما نقرأ والإستفادة منه على أكمل وجه.

كيف أقرأ 70 كتاباً في العام؟

فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات الفعّالة التي جمعها د. فادي الشلبي بعد الكثير من البحث والإطّلاع على كيفيّة تطوير مهارة القراءة للوصول إلى ما يمكن أن يزيد على قراءة 70 كتاباً في كلّ عام!

الاستراتيجية الأولى: استخدام تطبيقات الكتب المسموعة

يقضي معظمنا وقتاً طويلاً في وسائل المواصلات، أو خلال المشي إلى العمل أو الجامعة، أو ربّما في طوابير الانتظار لقضاء بعض الحاجات، أي أنّنا نخسر الكثير من وقتنا في هذه الأعمال التي لا فائدة منها بحدّ ذاتها!

لكن ماذا لو استثمرنا هذه الأوقات بأنشطة أخرى مفيدة؟

ليس من السهل قراءة الكتب في حافلة النقل على الإطلاق، كما أنّ ذلك غير ممكن خلال ممارسة الرياضة، ولكن الكتب المسموعة قد حلّت هذه المشكلة، فإذا كان أحدنا يقضي من وقته ساعتين يوميّاً في وسائل المواصلات وحاول أن يستغلّ وقته هذا في الاستماع للكتب؛ فإنه سيتمكّن من الانتهاء من كتابٍ واحدٍ كلّ أسبوع تقريباً، إذا أنّ متوسّط الكتب المسموعة تبلغ مدّتها 10 ساعات.

يصعب هذا الأمر على البعض بسبب كثرة المشتّتات في المحيط من حولنا، فلا يستطيع أحدنا التركيز في الأفكار التي يستمع إليها، وربّما يفوته الكثير منها، لذا لابدّ من التدرُّب المتعمَّد على ممارسة هذا النشاط، أي يجب بذل جهدٍ أثناء الاستماع لتحويل هذا الفعل إلى عادة.

يتطلّب هذا الأمر مزيداً من الصبر والتركيز والانضباط كذلك، وبمجرّد الالتزام التّام لمدة تصل إلى 90 يوماً فإنّ هذا النّشاط سيتحوّل إلى إجراء روتينيّ تفعله بشكل أوتوماتيكيّ في أوقاتك تلك.

الاستراتيجية الثانية: اخلق روتيناً للقراءة

حدّد وقتاً للقراءة تستطيع الالتزام فيه، ستحتاج لهذا الأمر في البداية على وجه الخصوص، اختر الوقت المناسب تبعاً لروتينك اليومي، سواء كان هذا الوقت في الصباح بعد الاستيقاظ مباشرة، أو قبل النوم، أو في استراحة الغداء، أو في المساء، وستعاني بالتأكيد من بعض الممانعة التي يسبّبها دماغك، لكن الانضباط الذاتي والرغبة والتركيز على الحالة، وقوة الإرادة سيتكفلون في حلِّ هذه المشكلة، حاول كذلك الاستعانة بالتقويم الخاص بك، وتخصيص وقت محدَّد للقراءة ولو لنصف ساعة في اليوم، ومع الأيام ستجد وبالتراكمية الأسيّة أنَّ  هذا الوقت سيكون على مدار السنة سبباً في زيادة معدَّل قراءتك عن ما اعتدت عليه بنحو 10 أو 15 كتاباً سنوياً، ولا يحتاج الأمر سوى القليل من الانضباط الذاتي في ممارسة هذا العمل بشكلٍ يوميٍّ.

الاستراتيجية الثالثة: هندس بيئتك المحيطة

تلعب البيئة المحيطة دوراً أساسيّاً وداعماً لخلق أي عادة جديدة، فعندما تقرِّر زيادة معدّل القراءة؛ يجب أن تحيط نفسك بمزيدٍ من الكتب، بحيث تجعل البيئة من حولك مساعدة على هذا الأمر، لكنّ الجزء الأهمّ في استراتيجيّة هندسة البيئة المحيطة هو تقليل المشتّتات وجعل الوصول إليها صعباً.

تلعب جميع وسائل التواصل على وتر تشتيت انتباهنا، وبالتالي تعدُّ هذه الوسائل المتوفّرة على أجهزة الهاتف المحمول أو الحاسوب الشخصي أكبر عائق أمام التركيز في القراءة بالإضافة للوسائل الأخرى المتوفّرة كالتلفاز وغيره.

اسحب سلك الكهرباء الخاص بالتلفاز من المقبس إن كانت مشاهدة التلفاز تصرفك عن القراءة، سيصعّب عليك هذا الإجراء تشغيل التلفاز بسهولة من خلال جهاز التحكّم، وستستثقل النهوض من أريكتك لتشغيله، وربَّما ستفضَّل أن تمسك كتاباً عوضاً عن ذلك!

أمَّا إذا كانت وسائل التواصل هي ما يستهلك وقتك ويشتّت تركيزك – وهي كذلك في الغالب – فحاول تغيير موقع شحن الهاتف خارج غرفة النوم مثلاً، وإن كنت تستخدم هاتفك منبِّهاً، استبدله بمنبّه تقليديّ أو ضعه بعيداً عنك لتجد نفسك مضطَّراً إلى النهوض من فراشك صباحاً، وضع كتاباً بقربك لتستعيض عن تصفحك للإنترنت فور استيقاظك بقراءة بضع صفحات من الكتاب ولو لمدَّة 10 دقائق يومياً، ومع الأيام ستجد نتيجة مذهلة حقَّاً.

الخلاصة: فكِّر في حيلٍ إبداعية لهندسة بيئتك المحيطة وزيادة انتاجيتك.

الاستراتيجية الرابعة: اقتنِ قارئاً إلكترونياً

يتميَّز القارئ الإلكتروني بصغر حجمه، وخفَّة وزنه، وقدرته على استيعاب آلاف الكتب وإمكانيّة شراء الكتب فيه من مواقع خاصَّة، ويساعد حجمه الصغير، ووزنه المناسب في سهولة حمله ووصول القارئ من خلاله إلى الكتاب في أي وقتٍ وأي مكان، كما يمكن من خلاله استبدال القراءة عن طريق الهاتف المحمول وبالتالي سهولة الابتعاد عن المشتِّتات.

 يمكن استخدام جهاز يُسمَّى Kindle paperwhite أو أيّ قارئ آخر، وتمتاز أجهزة القراءة هذه بأن إضاءتها ليست زرقاء أي لا تؤثِّر على العين، وأنها تدعم الوضع الليلي Dark mode.

وعلى الرغم من أنّ هذه الأجهزة تتَّصل بالإنترنت، إلا أنّ اتِّصالها يعمل بغرض المزامنة، أي متابعة القراءة من أجهزة ثانية – وتلك ميزة رائعة –أي أنّه لا يمكن الوصول من خلالها لوسائل التواصل أو البريد الإلكتروني أو غيرها من المشتّتات، ما يعني الحصول على تركيز أكبر.

الاستراتيجية الخامسة: استخدام تطبيقات القارئ الإلكتروني

ترتبط هذه الاستراتيجية بالاستراتيجية الرابعة، فمثلاً جهاز Kindle  لديه تطبيق يمكن تحميله على القارئ وعلى جهاز الهاتف الجوال، وباقي الأجهزة الإلكترونية.

يساعد هذا التطبيق في الوصول للكتب الموجودة على القارئ من خلال جميع الأجهزة دون الحاجة لإعادة شرائها، ولكن من الأفضل تخصيص قراءة الكتب الدسمة من خلال القارئ لأنها تحتاج إلى تركيز أكبر، بينما يمكن تخصيص تطبيق الموبايل لقراءة الكتب البسيطة والسّهلة، إذ يساعد هذا الإجراء على ربط هذه الإستراتيجية بإستراتيجية البيئة المحيطة، بمعنى أن يرتبط القارئ الإلكتروني في الدّماغ بزيادة معدّل التركيز.

الاستراتيجية السادسة: ابدأ بقراءة السهل المُمتع

إن كنت ترغب في تنمية مهارة القراءة، وتحاول تدريب نفسك أكثر لتجعلها جزءاً من يومك، لابدّ لك في البداية من اختيار الكتب السهلة والممتعة حتى إن لم تكن مفيدةً لك أو غير ذات قيمة.

تساعد الكتب الممتعة على زيادة الرغبة في القراءة بخلاف الكتب المعقّدة التي سرعان ما تسبّب الملل للقارئ، لذا فإنّ هذه الخطوة جميلة وفعَّالة في بناء عادة القراءة، ومع الأيام يمكنك الانتقال إلى كتب أكثر أهميّة بعد التأكّد من أنّ القراءة أصبحت عادة مترسّخة لديك.

الاستراتيجية السابعة: لست مجبراً على إنهاء كل كتابٍ تبدأ به

ليس كلّ كتاب جيِّداً، وليست جميع الكتب موجَّهة ومناسبة لك! إذا بدأت في قراءة كتاب ووجدتّ بأنّه غير مفيد بالنّسبة لك، وأنّ الاستمرار في قراءته لن يضيف لك شيئاً، توقّف ببساطة عن قراءته وانتقل إلى كتاب آخر.

قد يعتقد البعض أنّ عليه إتمام جميع الكتب التي يقرؤها، ولكنّ ذلك غير صحيح بالضّرورة، إذ لا يجب المتابعة في قراءة كتاب غير مفيد، أو يمكن قراءة الأفكار التي نحتاجها فقط من بعض الكتب دون الحاجة لقراءة كلّ ما كُتب بين دفّتيها.

تساعد استراتيجيات القراءة السريعة مثل Skimming وScanning في هذا الأمر، فيمكن مع زيادة معدّل قراءة الصفحات وتمريرها وأخذ ما يمكن من الكتاب بسرعة أن يساهم في معرفة ما إذا كان الكتاب نافعاً دون الحاجة لقراءته قراءة متأنيّة وبتركيز كبير.

الاستراتيجية الثامنة: اخلق طقساً خاصَّاً بالقراءة

يمكن تشبيه الطقوس بأنّها عمليّة برمجة الدماغ على ربط أشياء معينة ببعضها، ويمكن استغلال ذلك بفعل القراءة.

اختر مكاناً معيَّناً من المنزل للقراءة، ستلاحظ بعد مدّة من هذا الإجراء أنّ دماغك سيكون مستعدَّاً وجاهزاً للقراءة كلّما جلست في هذا المكان، يمكنك أيضاً أن تتناول مشروبك المفضّل عند القراءة، وتجعل تناوله مخصوصاً بوقت القراءة، وكلَّما رغبت في هذا المشروب سيكون دماغك في حالة تأهُّبٍ واستعدادٍ للقراءة.

يمكنك كذلك تخصيص أحد أنواع الموسيقى وسماعها أثناء القراءة، بعد فترة وبمجرد سماع هذه الموسيقى سيتحفّز الدماغ ليدخل في حالة القراءة، وهذه نظريّة مثبتة علميّاً تُدعى نظريّة الارتباط الشرطي أو نظريفة “بافلوف”.

ختاماً

تساعدك هذه الإستراتيجيات على زيادة معدّل القراءة حتى الوصول إلى 70 كتاباً في العام وربّما أكثر وفق د.فادي الشلبي، ولكنّ الخطوة الأهمّ في هذا الأمر على الإطلاق هي الإرادة والعزم على تطوير قدرتك في القراءة.