صفاء أخرس
صفاء أخرس

د

تعلّم كيف تكون سعيداً قبل أن تكون ناجحاً!

يعتقد الكثير من الناس أنهم سيصبحون سعداء إذا نجحوا في تحقيق أهدافهم، ويؤجلون جميع لحظات السعادة المباغتة التي تحلق حولهم، بل وربما يشعرون بتأنيب الضمير إذا أصبحوا سعداء للحظات قصيرة، ظناً منهم أن السعادة يجب أن تكون عندما يتم النجاح، أو أنها لحظات قصيرة سوف تحيدهم عن طريق النجاح.

ثم ماذا يحدث عندما لا ينجحون؟

تنال منهم الخيبة بكل سهولة، يعتريهم الحزن والكسل والشعور بخسارة كبيرة فهم لم ينجحوا ولم يكونوا سعداء.

هيرمان كاين قال:

” النجاح ليس المفتاح إلى السعادة، لكن السعادة هي المفتاح إلى النجاح “.

ولذلك، عزيزي الكائن البشري، ليس النجاح هو سر السعادة، بل السعادة هي سر النجاح، وهي الطريق إليه، إن الأمر بهذه البساطة، وهذا التعقيد.

كثيراً ما كنت أؤجل سعادتي إلى أن أفعل شيئاً ما، مثل أنني أقول: سأصبح سعيدة عندما أنهي الثانوية العامة، سأصبح سعيدة عندما أنهي دراستي الجامعية، سأصبح سعيدة عندما أعمل في المجال الذي أحبه، وغيرها الكثير من العبارات.

لم أعتقد أني سألقى السعادة في أمور بسيطة، في لحظات قصيرة، في أماكن منسية، في رؤية أشعة الشمس تتلألأ على سطح البحر، في سماع الموسيقى التي أحبها، في الرقص العشوائي أمام المرآة. وغيرها الكثير من اللحظات التي نتجاهلها ولا نعيرها أيَّ اهتمام.

عندما تكون سعيداً تشعر وكأن الكون كله لك وملكك، أن السماء اليوم صافيةٌ لأجلك، وأن الشمس تلقي عليك تحية الصباح بكل حب.

الشخص الناجح ليس بالضرورة سعيداً ولا كئيباً، ولربما يشعر أنه مجرد روبوت يقوم بأداء مهامه على أكمل وجه.

ولكن الشخص السعيد هو حتماً شخص ناجح. ناجحٌ في جعل كل شيء حوله جميلاً، ناجحٌ في إنجازه لأعماله وهو يعلم بقرارة نفسه أن النجاح أو الفشل هما مرحلة مؤقتة وأن السعادة هي غايته المنشودة.

والآن كيف أكون سعيداً ؟

ربما يكون كلامي في الأعلى مجرد فلسفة نظرية لدى البعض، فكيف أكون سعيداً وأنا أعمل ليل نهار لتأمين حياة كريمة لي ولعائلتي، كيف أكون سعيداً وأنا فقدت بيتي وكل ما أملك ، كيف أكون سعيداً في الغربة بعيداً عن أهلي وأصدقائي، كيف أكون سعيداً وأنا أدرس وأعمل كي أستطيع إكمال دراستي ، كيف أكون سعيداً والعالم بهذه التعاسة حولي ؟؟!

حسناً، فلتسرق السعادة إذن.

لطالما كانت الأمور الممنوعة هي الأكثر رغبة والأكثر متعة، ولعل السعادة المسروقة ألذ وأشهى من السعادة الروتينية البغيضة.

اسرق السعادة من عملك، عندما تفكر أن أولادك يحترمونك لأنك تعمل لأجلهم.

اسرق السعادة عندما تقف على أطلال بيتك القديم، عندما ترى أهلك بانتظارك، عندما تدرس وأنت مدرك أن الأيام القادمة حتماً أجمل.

ليس محرماً سرقة اللحظات السعيدة، وقد تكون السرقة مؤلمة حقاً، ولكنها ممتعة في هذه الحالة.

لا تؤجل السعادة ولا تتجاهلها ولا تجعل ما حولك يفرض عليك تعاسته، تجنب كل ما يؤرقك ويؤلمك، وفكر بالجانب الإيجابي في كل شيء، فكر بسعادة.

وكما قد قال ديل كارنيغي: “ليست المسألة ما تملك أو ما أنت عليه أو ماذا تفعل كي تكون سعيداً، إنما بماذا تفكر“.