سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

مَن سيخبر الأبدية؟

العنقاء كانت أول الأساطير التي مثلت فكرة الخلود، فالعنقاء تعود من الرماد ليس على شكلها الأول، ولكن في النهاية بعد عدة مراحل تعود على حالتها القديمة وعلى شكلها المعتاد.

تقول الأساطير القديمة أن العنقاء بمجرد أن يشعر بدنو الأجل كان يترك مكانه ويرتحل ويرتفع على أعلى نخلة يجدها ليحترق بضوء الشمس أعلاها، ومن الرماد تنبت دودة ثم تتحول لشرنقة وهكذا حتى يعود لجسده الذي أحترق ليبدأ الدورة من جديد.

حلم الخلود راود العديد من الثقافات والديانات قديماً، ومن أهم من إعتنق هذا الفكر كان قدماء المصريين، فالمصري القديم كان يؤمن بالخلود والبعث بعد الموت، فكان يحافظ على جسده وممتلكاته وخدمه ليبعث بعد ذلك ويحيا حياة تليق به وتناسبه كما كان يحيا قبل الموت.

فكرة التناسخ والعنقاء وغيرها الكثير من الأفكار لم يصلنا إلا صداها ولم نجد إثبات أو دليل على حدوث أي منهم، ولكن الخلود نسبي تماماً ويحدث أمام أعيننا طول الوقت.

على سبيل المثال لا الحصر الذباب يحيا لأيام، والسلحفاة تحيا لعقود. في النهاية سيموت الأثنان، ولكن بالنسبة للذبابة فالسلحفاة حققت الخلود بل وفاقت هذا المعنى.

كذلك الأمر بالنسبة لما فعله قدماء المصريين وتاريخهم الذي تركوه لنا ليخلد ذكراهم حتى يومنا هذا. بمفهوم المصري القديم لم يقم أي من الملوك من مرقده ليستخدم جثمانه مرة أخرى ويحيا كما أستعدوا لذلك، ولكنهم خلدوا أنفسهم وعاشوا. صحيح بمنظور آخر ولكنهم في النهاية حققوا ولو جزء بسيط مما عملوا عليه، حققوا الخلود ومازال العالم أجمع يتطلع إلى ما عملوا وما وصلوا إليه بعد مرور كل هذه السنين.

منذ بدء الخليقة ونحن نبحث عما يخلد ذكرنا ويجعل مرورنا في الحياة ليس مجرد مرور عابر. نبحث عن هدف أو غاية نحيا لأجلها وتخلد ذكرنا بين اللاحقين. والأمر كما سبق وذكرت نسبي تماماً، قد لا نحصل الفكرة التي في آذهاننا أو نخلد كقدماء المصريين ولكننا حتماً سنترك آثر يشير لمرورنا من هنا يوماً ما.

يوم نموت سيمحو النسيم الرقيق آثار أقدامنا على الرمال، بعدما يفنى النسيم، ترى من سيخبر الأبدية أننا مشينا هنا مرة في فجر الزمان؟

أغنية حقيقية لقبائل البوشمن.