م. طارق الموصللي
م. طارق الموصللي

د

ما الذي يضمن نجاحك كصانع محتوى؟

في يوم من الأيام، كنت أتناقش مع أحد أصدقائي المؤلفين حول بطء مدى التقدم عند بناء علامة تجارية شخصية لصنّاع المحتوى. قال صديقي:

“الجميع يرى قمة الجبل الجليدي فحسب! لا أحد يلاحظ سنوات العمل التي قادت للنجاح”.

وجدته تشبيهًا دقيقًا وأعتقد أنها مسألة رائعة لنستكشفها اليوم.

يُعد المخطط البياني أعلاه مثالًا حقيقيًا، فهو يوضح تقدمي المُحرز في زيادة عدد الجمهور بمرور الوقت. إذا كنت قد بدأت للتو، فربما تكون غاضبًا إذ يبدو أن لا أحد يقرأ تدويناتك.

خمّن ماذا؟ الجميع يمر بهذه المشاعر! عندما بدأت رحلة صناعة المحتوى وجدتها تجربة محبطة. شعرت وكأنني ألقي رسالة في زجاجة في المحيط. متسائلًا: “مرحبًا … هل من أحد هناك؟

لا أعرف أي شخص في مجال صناعة المحتوى حقق نجاحًا ساحقًا بين عشية وضحاها.

مُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ

أعمل حاليًا على مشروع كتاب جديد (بعنوان “ميزة التراكمية – Cumulative Advantage”!) وأتيحت لي الفرصة لإجراء مقابلة مع كريستيان بوش/Kristian Bush، العضو المؤسس لفرقة شوجرلاند والحائز على شهادة مبيعات الموسيقى المسجلة البلاتينة عدة مرات. أمضى كريستيان أكثر من عقد في بناء مسيرته في عالم الموسيقى قبل أن يحقق أول نجاحاته! حيث أخبرني قصة مماثلة عن صعوده البطيء:

“يعتقد الجميع أن زخمنا ظهر مرة واحدة، لكن لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق. يأتي النجاح في عالم الموسيقى من التقدم التراكمي.
هناك نوعان من الفِرق. أحدها يصل أعالي المجد عبر أغنية فريدة. وأنت لا تريد ذلك. لأنه إن حدث، فستدرك أنه كان سيكون من المربح أكثر أن تكون محاسبًا بدلاً من ذلك (بمعنى أنك سرعان ما ستُنسى).
ما أدركته -خاصة في صناعة الموسيقى الريفية- أن بناء مسيرة مهنية هي عملية تصاعدية.
الزخم يبدأ حقًا مع إذاعة أول أغنية على الراديو. قد يستغرق الأمر سنوات من العمل الجاد للوصول إلى هناك، ولكن عليك بقرع جميع الأبواب حتى يفتح لك أحدها. تثبت الأغنية الثانية أن الأغنية الأولى لم تكن مصادفة. لكن حتى في هذه المرحلة، لا يزال جمهورك يحب الأغنية.. لا أنت. فهم غير مرتبطين بك لأنهم لا يعرفون من أنت بعد.
مع تزايد الزخم، تصبح مرتبطًا بأغنية.. وصوت.. وقصة. تتمتع أغاني فرقتنا بدرجة حميميّة معينة، ونزعة أخلاقية، وبوصلة، وبالطبع متعة سماع جينيفر نيتليس كمغنية. يبنى الزخم من مجرد الاتساق والتركيز. مُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ”.

يستغرق نجاح صناعة المحتوى وقتًا، فماذا يعني ذلك بالنسبة لنا؟

بما أنني أتناول -بعين التمحيص- الأشخاص الذين يصنعون اسمًا لأنفسهم في العالم اليوم، فأؤكد لك ألا وجود لشخص واحد حقق نجاحًا فوريًا. قال رائد وسائل التواصل الاجتماعي كريس بروغان “Chris Brogan” ذات مرة أنه استغرق ثلاث سنوات للحصول على أول 100 قارئ لمدونته. ولكن بعد بضع سنوات، أصبح رائدًا ومتحدثًا رئيسيًا في مجاله.

يتطلب بناء علامة تجارية شخصية عقلية صبورة. عندما أعمل مع أشخاص على تدريب فردي، أقول لهم أن يخططوا للالتزام بتقديم جهد -لما لا يقل عن 18 شهرًا- قبل أن يبدأوا في إحراز أي تقدم.

عندما كتبت KNOWN وهو كتيب لبناء وإطلاق علامتك التجارية الشخصية في العصر الرقمي، أجريت مقابلات مع 97 شخصًا أصبحوا “مشاهير” – (الخبير) الذي يتوجه له الجميع في مجالهم.

وكان آخر سؤال طرحته عليهم: “ما هي النصيحة التي تقدمها لأي شخص يبني علامة تجارية؟” استخدم جميعهم تقريبًا كلمة المثابرة أو مرادفًا لها.

العالم اليوم مزدحم بالمحتوى، لذا من جهة ما يكون الوصول للقمة أكثر صعوبة. ولكن بالمقارنة مع 10 سنوات مضت، هناك أيضًا المزيد من المنصات وخيارات إنشاء المحتوى التي يسهل الوصول إليها. قبل عقد من الزمن، كان إنشاء ونشر مقطع فيديو أو بودكاست عملاً ثقيلًا وربما مكلفًا. كنت بحاجة إلى معدات خاصة لإنتاج مقطع فيديو قصير! في حين يسهل اليوم إنشاء المحتوى حتى بالنسبة لمراهق بسيط، ولكن هناك شيء واحد ثابت: لا يوجد طرق مختصرة للنجاح.

أمامك فرصة تاريخية مهمة. لا يهم من أنت أو ما مررت به في حياتك. يمكن أن يكون لديك بصمة، ويمكنك إحداث تأثير في العالم، إذا كنت على استعداد لبذل وقت وجهد صبور.