حكمت عقيل
حكمت عقيل

د

عن التدوين و الأحلام ، خاطرة …

لسبب مجهول اعتقدت، لا بل ولا أزال اعتقد أنه يجب أن أكتب.

فكرة صناعة المحتوى بشكل عام والتدوين بشكل خاص، فكرة وكما يقال بالعامية الشامية ” لحست عقلي ” منذ ما يقارب الأربع سنوات.

إن صناعة المحتوى تتضمن تقديم أي نوع من أنواع المحتوى المرئي أو الصوتي أو المكتوب، و قد تابعت باهتمام صعود أسهم صناع المحتوى الجدد العرب الصاروخي عن طريق السوشال ميديا، طبعاً هذا الصعود ترافق مع تكوين ثروات لم نكن لنسمع بها لشباب ضمن إمكانات هؤلاء، إنه المستقبل من أوسع أبوابه و بأبسط الطرق، كاميرا موبايل و اتصال انترنت و حساب مصرفي  و ابدأ بعد الدولارات الداخلة إلى حسابك !!! أو هكذا يعتقد الكثير من الشباب المتابعين لهؤلاء النجوم، إلا أنه للقصة جانب خفي أو لعله مخفي.

إن أنجح محتوى حالياً في العالم العربي هو محتوى التسلية أو “Entertainment”. لم يكن هذا النوع من المحتوى يستهويني و للدقة لا أعتقد أنني أملك اللازم للنجاح بتقديم هذا المحتوى و لا أدعي الترفع عنه. ربما نحن مواليد الثمانيات أبناء البيئة الشامية لدينا من حدود الرصانة ما يمنعنا من تداول ما يتم تقديمه حالياً، ما كان يراودني هو محتوى هادف موجه ينسجم مع ما كان ببالي لشخصي المستقبلي و مكانته الاجتماعية.

إن قراءة الجملة أو المقطع السابق بشكل علمي سوف يقتضي للضرورة تعريف النجاح، تحديد مصدر معلومة المحتوى الناجح في العالم العربي، تعريف الرصانة، تعريف المحتوى الهادف و جملة طويلة من الأسئلة و المناقشات التي ربما لن تنتهي إلى إجماع.

إذاً ما هو المحتوى الناجح وكيف يمكن لنا قياسه؟ هل هو بعدد المتابعين؟ أو بإيرادات صانع المحتوى؟ أو هل بالقيمة المضافة الاجتماعية؟ أيضاً ما هو مصدر معلوماتنا؟ هل من المتابعة الشخصية للمحتوى الرائج؟ أو من دراسات ؟ وهل هناك فرق بين مضمون المحتوى الرائج العربي و المحتوى الأجنبي؟ وأيضاً كيف ننظر للرصانة؟ للالتزام؟ للتسلية و للتفاهة؟

لا أدعي محاولة الإجابة عن ما سبق فربما لكل منا وجه نظره و أنا كل ما أعمله هو محاولة للتدوين و الكتابة، خاطرة إن شئتم.

أعتقد جازماً أن صناعة أي محتوى يجب أن يكون محورها الاتقان، من المعيب لصانع أي محتوى ألا يكون مدركاً و مستوعباً لما يقدمه من طروح أو أفكار، كما تشترط أراجيك في شروط النشر أي يكون هذا المحتوى مفيداً و فيه شيء من تجربة شخصية و فائدة و عبرة.

إذاً ما الذي أستطيع أن أقدمه؟

يبلغ الرجل مرتان، مرة عندما يخط شاربه و مرة عند الأربعين، و ها أنذا على أعتاب بلوغي الثاني أبحث عما أتقنه لكي أدون بما يقدم الفائدة فلا أجد.

لعل أهم تجاربي هي الفشل!

نعرف المخاطرة بأنها احتمال انحراف الواقع عن المتوقع، و بهذا سيكون الفشل هو حدوث الواقع المنحرف! لعلي لا أستطيع أن أحصي كم مرة انحرف توقعي لما ستنتهي عليه الأمور عن الواقع !

لعلنا مواليد برج الدلو أكثر الحالمين على الأرض و ربما في رأسي آلاف مؤلفة عن أحلام و سيناريوهات و أفكار لما أتمنى أن يحدث و اطمح له، إلا أن الواقع هو مطرقة الأحلام الزجاجية.

أعي أن معظم الانحراف عن خططي لم يكن بسببي و لم يكن بعوامل ذاتية تخصني، فأنا لم أختر أن أعيش في منطقة صراع و أنا لا أملك أدوات تشريع تسهل إقامتي و انتقالي حيث أريد و لكن الزمن يمضي بأي حال.

ما أتحمل مسؤوليته هو عدم مرونتي و بطء استيعابي و معالجتي لما يجري فلم أتكيف مع هذا الواقع الجديد و لم أستقرأ أنه سيكون واقعاً طويلاً يجب علينا أن نتعامل خلاله بوسائل جديدة لم نعتد عليها.

أتحمل مسؤولية كسلي، فمثلاً لو أنني بدأت بصناعة المحتوى منذ أن خطرت ببالي الفكرة لكان رصيدي من الخبرة ما يزيد عن الأربع سنوات، كما أتحمل العديد من مسؤوليات و قرارات خاطئة خلال مساري المهني كنت لو أني تصديت لها بشجاعة بمسار و حال مختلف.

أن تبدأ متأخراً خير من أن لا تبداً، أو كما يقول الأجانب “it is never too late” هو شعاري الجديد و ها أنذا أرسل محاولتي الأولى بعد قراءتي لشروط النشر في أراجيك، و لعل نشرها سيكون مفتاحاً لباب طالما حلمت أن أدخل منه.

ما أريد إيصاله هو أنه لا ثابت في هذا العالم سوى أن الزمن يمضي، و لعلمكم فإنه يمضي كلما تقدمتم بالعمر أسرع من بداياته، لا يوجد مفهوم جامع لما يمكن أن نحققه أو ما يمكن أن نسميه نجاح أو فشل و إنما هذه الأمور دائماً نسبية، حالها حال الجمال هو فقط في عين الناظر و أنه لا ظروف و لا وضع و لا وقت مناسب لكي تبداً سوى الآن.