لينـا العطّار
لينـا العطّار

د

من الذي قرر تسمية المدارس بهذه الأسماء!

منذ بدأت بالعمل في التدريس منذ ثماني سنوات وأنا أتعرف على أغرب الأسماء التي قد تتخيلونها، ليست أسماء الطلاب والطالبات الذين أدرسهم، ولكن أسماء المدارس التي يأتونني منها، وكثيراً ما جعلتهم يعيدون الاسم على مسمعي مرة أخرى لأفهمه، ثم اعتدت أن المدراس كلها قد تمت تسميتها بأسماء شخصيات بارزة تاريخية أو أسماء شهداء قضوا في معارك ما.. وما أكثرهم خلال السنوات الأخيرة، والتي لم تكفِ مدارس العالم لتُسمّى بأسماءهم..

ثم فكرتُ في الأمر ولم أفهم هدفاً من هذه التسمية، فإذا كان الهدف منها هو تخليد ذكرى هذا الشخص أو الشهيد، فإن السنوات تمر ولا يعرف أحد مَن هذا، حتى طلاب المدرسة أنفسهم ورغم تواجد لوحات في مدخل كل مدرسة تحمل معلومات ولمحة عن حياة وإنجازات الشخصية الهامة التي أُطلق اسمها على المدرسة، لكن لا أظن أن أحداً يقرأ تلك اللوحة ولو فعل فسينساها بعد دقائق، وحتى الآن ورغم أني من النوع الذي أقرأ كل شي يقع في طريقي ابتداءً من المكتوب على علب الأطعمة المحفوظة والشامبو إلى فهرس الكتب وملخصاتها، لكني لا أذكر من هي تلك الشخصيات التي قضيت ثلاث سنوات في مدرسة تحمل اسم شهيد وثلاث أخرى تحمل اسم امرأة لا أستطيع الآن أن أذكر من هي ما لم أستعن بمن لا يحرجني سؤاله (جوجل).

أفكر في الجامعات والمدارس العالمية التي تحمل تصنيفات عالية مثل هارفارد وأكسفورد وغيرها، وفي أسباب تسميتها والتي ترجع إلى سببين: الأول هو اسم المنطقة التي تقع بها والثاني اسم من أسسها من العلماء أو الأغنياء أو السياسيين..وبالتأكيد هذا يبدو بالنسبة لي أكثر منطقية..

على الأقل تم تخليد هذا العالِم بما يتناسب مع ما فعل ومع إنجازاته، وسيرتبط اسمه بشكل وثيق بما تركه من أثر في الحياة، أما أسماء مدارسنا فماذا أضافت لذكراهم؟

السؤال الأهم الذي يدور في ذهني: ماذا تعلم هؤلاء الطلاب من أسماء مدارسهم؟ ما هي الرسالة التي وصلتهم بشكل واعٍ أو غير واعٍ عنها، وعن الحياة.. وكيف يمكن أن تنطبع في أذهانهم وتؤثر على مستقبلهم؟!..

الرسالة التي أتخيل أنها تصل إلى هؤلاء الطلاب من خلال تكرار أسماء مدارسهم وشخصياتها دون معرفة سيرة حياتهم بشكل مفصل أو إنجازاتهم، الرسالة هي أنه لا يتم تكريم أحد مهما كان إنجازه عظيماً إلا بعد موته، وأن هذا التكريم لن يكون إلا من خلال إطلاق اسمه على شارع ما لن يعرفه أحد، لأن الجميع يتداول أسماء الشوارع التقليدية وليس الأسماء الرسمية، أو مدرسة ما سيرتادها آلاف الطلبة وهم لا يعرفون من هذه الشخصية التي يرددون اسمها آلاف المرات خلال سنينهم الدراسية.. فأي رسالة هامة تلك التي تصلهم وأي حافز وأي فائدة من هذا الأمر!.