أحمد الخضر
أحمد الخضر

د

القراءة والثقافة واستثمار الوقت!

سأتناول في هذا المقال موضوعاً مهماً في وقتنا الحالي. القراءة ومدى إقبال الشباب العربي عليها.

أولاً: أهمية القراءة
في عصرنا الحالي الذي تسيطر عليه مواقع التواصل الاجتماعي وجميع ما يرتبط بالشبكة العنكبوتية، تحولت حياتنا إلى ما يشبه الحياة الروتينية المملة والمكررة التي لا فائدة منها، وأصبح التقليد الأعمى لكل ما يُنشر على هذه المواقع هو الهاجس الأول والأوحد لغالبية شباب هذه الأمة!
أُهملت حياتنا الواقعية، لتصبح حياتنا افتراضية فارغة لا يُرتجى منها شيء ولا معنى لها؛ حياة خالية من كلِّ ما هو مفيد وحقيقي.
وفي وسط هذه المتاهة التي لا نهاية لها كانت القراءة هي طريق النجاة من هذا العالم المجنون، القراءة، هذا السلوك والفعل الحقيقي، وهذه القيمة الكبرى المنسية في عالمنا العربي بشكلٍ كامل.
فطبقاً للإحصاءات العالمية، فإن مايقرأه الفرد الهندي -وهو صاحب أعلى معدل للقراءة عالمياً- يُعادل مجموع ما يقرأه مئتي شخص عربي مجتمعين! وهذه الأرقام والإحصاءات إن دلت على شيء، إنما تدل على مدى تمسك الدول الأجنبية بالقراءة، ومدى ابتعاد الشباب العربي عنها.
وعلى جامعاتنا ومدارسنا تسليط الضوء بشكلٍ أكبر على هذا الموضوع وتقريب الطلاب العرب من الكتاب واقناعهم بهذا السلوك الجميل المفقود.

ثانياً: ارتباط الثقافة بالقراءة
للقراءة أهمية كبيرة في تطوير ثقافة الفرد ومدى وبناء شخصيته والانفتاح على جميع المجالات، فقد ارتبطت القراءة ارتباطاً وثيقاً بالثقافة، والشخص القارئ هو الشخص الذي يمتلك تلك الثقافة الواسعة التي لا يمكن الحصول عليها بمجرد الحصول على الشهادة الجامعية، فلم ترتبط الثقافة بمستوى التعليم الذي يحصل عليه الفرد، إنما ارتبطت بشكلٍ أكبر بالقراءة.
فالقراءة ترفع من مستوى ثقافة الفرد ومدى اطلاعه على الثقافات المختلفة لشعوب العالم، كذلك تؤمن مستوىً عالٍ من نوعية وجودة اللغة العربية، والقارئ الذي يقرأ بشكلٍ متواصل ومنتظم، ستتحسن لديه مستويات اللغة العربية بشكلٍ كبيرٍ وملحوظ.
كما تُحسن من مستويات الاستماع الجيد لدى الفرد، فالقارئ يصبح مستمعاً جيداً ومحاوراً مميزاً، وهذا الأمر يساهم برفع مستوى الوعي لدى الشباب العربي وعدم الانجرار وراء الترهات والتقليد الأعمى لكل ما يتم نشره على مواقع الشبكة العنكبوتية.

ثالثاً: كيفية استثمار الوقت
وأخيراً وليس آخراً، فإن القراءة لا تتطلب ذلك الجهد والوقت الطويل، فإن مجرد المحافظة على وقتٍ محددٍ بشكلٍ يوميٍ ومتواصل، يساهم بالحصول على عددٍ جيد نوعاً ما من الكتب سنوياً، فالقراءة بشكلٍ يومي لمدةِ عشرين دقيقة، تُمكّن الفرد من قراءة عشرين كتاباً سنوياً.
وهذه العشرون دقيقة، لها تأثير السحر على القارئ، فبمجرد البدء المنظم لهذه المدة، ستزداد مدة القراءة بشكلٍ ملحوظٍ مع مرور الوقت، وعندها تتحول القراءة من مجردِ عادةٍ في أوقات الفراغ، إلى حاجةٍ أساسية من احتياجات الشخص اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها. وهذا مانطمح إلى إيصاله للشباب العربي.