إسراء عصام فتحي
إسراء عصام فتحي

د

الفقر في المجتمعات

إن الفقر آفة المجتمعات و الأوطان ؛ وعلى الرغم من وجود اشكال عدة للفقر قد تكون أكثر قسوة من فقر المادة كفقر الانتماء، الهوية و العلم..
إلا أن العوز المادى من الظاهرات الاجتماعية المؤثرة على الكثير من النواحي الاقتصادية ، الاجتماعية و السياسية بالمجتمعات.
و كون الفقر ظاهرة لا يختارها أحد بمحض إرادته إلا أن فئات كثيرة تعرضت له فى ظل الغياب العقلي و الوازع الديني غير الصحيح حينما دعا البعض إلى الزهد فى الحياة و اعتزال الدنيا للانشغال بالعبادة… وبهذه الفلسفة الجبانه انتشر الفقر بين الإنسان …خالقة بذلك الكثير من العدوانية لا الحكمة بين الأفراد اليائسة ما بين جمود العقل و بطالة الجسد.
يتكون بذلك حلقة مفرغة ما بين أزمة خروج الفقير من فقره والسياسات الاجتماعية التى تخلق مزيد من الفقر و اختيارات أخرى خاطئة يرتكبها بعض المسؤولون في حق شعوبهم مساعدة بذلك على خلق هوة فقر تبتلع كل ما لا يستطيع المقاومة ، صانعة لفجوة اجتماعية بين طبقات الشعب تبتلع كل إنسانية ورحمة بينهم.

تنخر فى خلايا المجتمع مسببة بذلك الكثير من الجهل ما بين بعض الأفراد، الأمراض لقصور العلاج و ارتفاع معدلات الجريمة و مستوي العدوانية ليأس حصولهم علي عمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة و عدم استطاعته فى تلبية حاجتهم الخاصة.
و قبل معالجة ظاهرة اجتماعية ما لابد من فهم محاورها الرئيسية للسيطرة عليها ، وفهم تنفيذ آليات ذلك دون خلق مشكلات اجتماعية أخرى قد لا تقل خطورة عنها.
كتعريف الفقر و أنواعه، الفئات التى تتعرض له وطبيعة حياتها و ما يواجهوه جراء ذلك من معاناه، هل هناك مفهوم لمقياس وخط الفقر ؟ وهل تتشابه مقاييس و خط الفقر ما بين المجتمعات؟ هل الفقر فى دولة ما يقاس بنفس مقياس دولة أخرى؟ وهل تتشابه الحلول و التجارب الناجحة ما بين الدول أو يصح تطبيق تجربة على دولة دون أخرى؟ و ما هى العوامل التي تساعد فى انتشار هذه الظاهرة و زيادة حدتها؟ و ما الآثار الاقتصادية و الاجتماعية المستقبلية المترتبة عليه نسبة فقر ما وإن لم تكن كبيرة ؟

إن أبعاد هذه الظاهرة متشعبة يتطرق دارسها إلي علم الجغرافيا ، الاجتماع و الاقتصاد و الإلمام بالجانب السكانى ، و الناتج المحلى داخل المجتمع و ما يعانيه من بطالة ، إضافة إلى مستوي الأمية، معدلات الجريمة، الدين العام ، الصحة و ما مدى مستوى تنمية افراده بشرياً ومستوي وعيهم وثقافتهم.. كيف يتعاملون مع تحديات الحياة؟ وكيف يقاوموا التوغل في الفقر ؟ هل يستسلموا للإعانات المعيشية أم يحاولوا تغيير وضعهم ومعيشتهم بتوفير مصدر رزق و حياة مستقرة لهم؟

إن مصير المجتمعات مرتبطاً بأحوال أفرادها ولا مفر من القضاء على مثل تلك الظواهر إن أراد المجتمع الحياة بصدق ، لا كقشرة زائفة تخفى خلفها الكثير من الجهل و العوز ؛ فمن لم يرسخ فى أرض نفسه أساسيات التحضر و النهوض لا يستطيع الثبات فى وجه تقلبات القدر و مجريات الحياة وسرعة تغير وتيرتها و احداثها فى ظل عالم ينسى من لا يواكبه ويسير بصورة موازية مع تقدمه و نهضته.
عندما يتم استثمار الفقر و الفقراء و الاستفادة منهم لما يملكونه من معارف ومهارات و روح قادرة علي الإبداع وإن كانت بسيطه كمورد بشري أو عظيمة ولكن لم يقدم لها يد العون مسبقاً لاكتشافها… تقوم حينها البلاد بصنع مستقبلها ، ولكن عندما يتم التركيز فقط على معاناتهم وتقديم الدعم المادى و المعنوى المؤقت بصفة مستمرة لهم .. دون منحهم الفرصة للإستقلال المادى وتأسيس حياه كريمة .. فإننا بذلك نصنع مفهوم العوز وليس المستقبل.. التنميه تقوم علي منح الإنسان مفهوم الحياة وليس قوت يومه دون غده…