سارة طارق
سارة طارق

د

صراعي مع زائري الوحيد

امتدت أناملي لتلك الورقة البيضاء أمسكت قلمي بأصابع مرتعشة، كتبت بالمنتصف ما معنى أن تراهن بقلبك على كل شيء وتخسره؟

اشتدت عروقي بينما عصفت أفكاري بي كرياح بلا مسار، ظلت عروقي مشدودة على تلك علامة استفهامي؟ في الورقة حتى اخترقها قلمي، نظرت للدائرة في وجوم تذبذبت أفكاري يمينًا ويساراً كبندول!

كتبت سؤالي الثاني: لماذا حياتي دوائرها مخترقة؟

لطالما كانت حياتي أشبه ببحيرة مياهُها راكدة وعند إلقاء حجر بها ترتعد صانعة ذبذبات شتى، فما بالك والقلق يرجمني بحجارته يومياً، أحتضر في كل ليلة من شدة أفكاري، توجسي.. خوفي من المجهول، تشتد أفكاري فينبض قلبي الواجف بطريقة متسارعة صانعاً ذبذبات في داخلي حتى يكسر رقماً قياسياً جديداً لاضطرابي، أقضم أظافري بينما تشتعل رأسي ببضع الهواجس ويتخلل الخوف في ثنايا روحي تاركًا شبحي الباهت ليواجه الحياة.

الآن ابتسم ابتسامة بلهاء لصورتي المنعكسة أمام مرآتي، أرى نسخة مشوهة مني مرسومًا تحت عيناها حربًا من الحياة، الموت الأمل وشعور متواتر بالذعر، أتنهد أسوق قدامي نحو سريري لأنعم ببضع سويعات من النوم ليهاجمني شبح الأرق بنعومة، يبتسم ويحتضن ثنايا عقلي!

الغرفة سوداء بينما يشتعل فتيل الذكريات؛ أمانِي المستحيلة، أحلامي الضائعة، أفكاري الحائرة وقلبي المنفطر، ضحكات غائبة وتوجس دائم  يلاحقه دوافعي المضطربة، اضطراب يتملكني وليلي يحرقني، أغمض عيناي بينما يفتك الصداع بآخر خلايا رأسي بينما هشم القلق الباقي من قوتي!

تمر القليل من الساعات حتى يطل ذاك العصفور زائراً شُباك غرفتي في صباحي، أنعم ببضع الهدوء قليلا؛ أتنفس قبل أن أواجه عالم عبثي بالخارج ومن الداخل أيضاً، ففي المسافة التي أقطعها يومياً أمر بالعديد من الحكايا،

آلاف الخطط والترتيبات والخيالات والهواجس التي تحاكيها رأسي، تفكيري دائماً زائد عن الحد قاتل للطمأنينة، ذكرياتي تحوم حولي بين خاذل ومخذول، آمِنا ومغدور، مخطئاً ومعذور!

قلقي وأخطائي أراهم أمامي ومعي أينما حللت يثقلوا كاهلي، آلمتني قدماي من حملهم ونزف قلبي بعد غصة قلبي الدائمة بسببهم.

القلق زائري الخفي..

تبدأ الحكاية من قلق بسيط حتى يتملكك فتسقط دائماً في هوة عملاقة من أفكارك، شعور بالخواء يلازمك لا تنسى ولا تقوى على التحرك، تأسرك تلك البقعة السوداء تكبل أحلامك وتتجسد مخاوفك أمامك..

“تخاف الفقد فتفقد بقلقك نفسك قبل أن تفقد كل شيء”.

واحد اثنان ثلاثة.. تنفس..

أخبرتني طبيبتي أن التنفس يهدأ نوبات القلق والهلع، تكفي إدخال كمية كبيرة من الأكسجين لكي تهدأ من روعك وثوران أفكارك ووحدة مشاعرك.

تصالح مع أخطائك..

أنت إنسان من روح وكيان، من الطبيعي جداً أن تخطأ سواء في الاختيارات الحياتية أو الشخصية والعاطفية فلا تشعل فتيل جلد الذات، وتفتح أبواب الفشل على مصراعيها، أكتشف طرق جديدة لتجارب جديدة وتصالح مع أخطائك، ففي كتاب مأمون القانوني هناك مقولة تقول:  

“وهل الإنسان في النهاية إلا فسيفساء جميلة من أخطائه وجروحه وإنجازاته؟ أحبّ ما أخطأت به كما تحب ما أصبت به، لولا هذا لم يكن ذاك”.

 لا تكن سجين ظنونك حتى تنغلق جفونك!

الحياة عادلة بطريقة ما، ربما كان الطريق حالِكا في وقت ما ولكن تأكد بإن السوء سيزول طالما كنت إنساناً صبوراً، أوقات كثيرة تكون سمة التردد محور حياتنا نكون أسرى لظنون الآخرين ظانين منهم أن عيوبنا ومخاوفنا تتعرى وتظهر أمامهم، بينما نحن معميون عن الاختيارات فنتمسك بالوهم العادم ونفني عمرنا في حلم واهن ظناً منا إنه الصواب، لطالما كنا واهمين في مرحلة ما ولكن!

“هناك فرصة دائمة للتغير”.

وأخيراً رأيت النور..

في إحدى أفلام ديزني كانت تلك الأغنية بمثابة انتصار للأميرة حينما حققت حلمها وتحررت، و لنا أيضاً حينما نلمس مواطن وجعنا، حينما يرزقنا الله الاستبصار ومحاولات العلاج، حينما نقاوم الألم ونزرع الأمل، نتعثر وننهض رحلة العلاج ليست بالهينة أو السهلة مليئة بالانتكاسات لتمحوها المحاولات، أن توقن بإن هناك فرصة للسلام، أن تغدو آمنا حافظاً لقلبك وتعرف أن الحياة لا تستحق المعاناة رفقاً بقلبك طمأنه واربت عليه واهمس لنفسك بأن كل شيء سيكون بخير!