أمير محمد
أمير محمد

د

وما هم ببالغيه!

كلما ضِقت ذرعاً لم يفضي الحال بي سوى لأمرين إما أن أخِر ساجدا والدمع يعتصرني وإما أن أنزوي مع أفكاري تنهشني كفريسة وأنهشها حتى أفضيها كتابةً لا تُكن سوى ما لا أستطيع البوح به، أحارب دوما كل ما يعتريني من شعور أيا كان، وهو ما يجعلني أشعر بالضيق كلما مر طيفه بداخلي، مغارات التوهان تكتنفني على مضض، أعلم بأننا نتيجة لكل ما اقترفناه أو لم نقترفه، ربما هو القدر..ربما هو التيه و ربما.. هو شئ آخر .

أحد قوانين ميرف ِ تقول ” ليت ما نريده يحدث ” وهي حيلة كارثية اذا كنا نجهل تبعاتها، ما باليد حيلة ولكني أكره الاستسلام ورفع الراية مبكراً، أناظر حولي فلا أرى سوى الغمام وبعض النور على استحياء، تتسلل خيوط النور إلى روحي، تداعبها، تسكن من آلامها، تدفعني للأمام وتعطيني القوة، ثم تتركني على عجل.

أقبع في ذات النقطة منذ وقت طويل، لا أدري أين العِله ! لم يعلمونا قبل أن يتركونا بين أنياب الظلام من أين تؤكل الكتف، فكان حريٌ بي أن أتسائل في ظل تلك السرعة المؤرقة التي أراها من حولي تتخطفني كالذي يتخطفه الشيطان من المس، ما الخطأ الذي اقترفته في حياتي القصيرة والذي أودى بي في وديان التيه والظلام؟!.. نعلم أنها أقدار والرضا هو مربط الفرس.. ولكني آسفاً أنا لست براضٍ وأريد المزيد..

كُنا في المرحلة الإبتدائية تعترينا البراءة ولمسة من الحب الطفولي، لازلت أتذكر ضحكتها بعد مرور ما يقرب من الـ خمسة عشر سنة، كانت من ” آيات ” الله اسما ومسمى، غادرتني، ولم تغادرني..لم تغب عن ذهني وكلما ولت وجدتها تقترب، هي لعنة.. لم يمر الكثير حتى غادرت أنا وبفكر طفولي ساذج قلت في نفسي ” لعلني ألقاها هناك، لعله اللقاء ولعلها تقترب ” مرت آلاف الليالي وملايين الثواني ولم نلتقي الا في مخيلتي، لا أعلم أصلا اذا مازالت تتذكرني أم لا.. كبرنا رويداً أو على عجل، وعندما بلغ الحنين الطفولي مني ذروته بحثت عنها كالمجنون الذي يلهث، هنا وهناك، يا الله.. أيعقل، انه اسمها أو يشبهه أو يُخيل لي أنه هو، لا فارق.. ضغطتُ عليه وقلبي يخفق “كليك” دوي الضغطة لازال في أُذني، أنفاسي تتسارع ولا أعلم ما الذي يحدث بداخلي، لماذا الحماقة الآن لا أدري، كالغريق الذي وجد قشة، مجرد قشة في بئر سحيق فتعلقت روحهُ بعدما تركها خِفية.. الآن تأكدت أنها هي.. لقد كبُرت وبدا لي في تلك اللحظة أن القمر لم يكن في السماء قط، بل كان يتجسد في وجهها، ولك أن تعلم أن كل هذا في مجرد صورة مرسومة لها يطلق عليها ” بورتريه” لا يهم، المهم أنها هي.. لحظة لقد تزوجت من ثلاثة أيام! تملكني فزع غريب وقشعريرة دامت لدقائق أي غبي أنت أما كان بمقدورك أن توقف الزمن، أي عبثيٌ أنت لتتعلق بمجهول، أي أحمق أنت لتصد القدر، أي يوسف أنت لتعود ..

..

أؤمن بالقدر وأؤمن بمسببه جل وعلا، يعتريني الفزع أحياناً لكوني عادي، أعلم أنني لست في سباق ولا يعنيني العالم ولا يطلب مني الصعود للفضاء الخارجي، لا تعنيني رحلات ناسا، لا يعنيني من يصل أولاً، يعنيني أن أكون أنا، فقط أنا، لكنك من المؤكد أنك تلتمس لي الأعذار فأنت مثلي قد تعتريك الغبطة أحياناً ممن يمضون من حولك، أحدهم أنهى الماجستير والآخر أكرمه الله بثراء طائل فغير مثاره ولم يلقي السلام عليّ من حينها قط، وددتُ لو أعانق أحدهم فأقول له ادعو لي لعلك أقرب الى الله مني، وددتُ أن أعبر ولكنني كلما هممت بالكتابة خانتني المعاني وتمنعت، وددتُ لو أفيق..

نحن وان كانت أمانينا بسيطة فإننا نسبح في نعمٍ لا تعد ولا تحصى، يكفي أننا نستطيع أن نتنفس ونميل هنا وهناك دون مساعدة، يكفي أننا تحت غطاء الله وسترة، يكفي أننا ممتنون أنه لازال للعمر بقية، وأن الحياة رغم عبثها تستحق المحاولة وتستحق الحياة، وددنا في السابق أن نعلم الغيب ولو علمناه لشابت الرؤوس ولأذهلت المراضع، وانقطعت الأنفاس.. لكننا أنفُس والأنفُس على وسعها تضيق، يقولون أن الصبر زاد، وزاد المؤمنين التقوى، وددت لو أكون عبداً تقيا لأستزيد صبراً فـ أزِده، وددت لو كنت أنا أنا فأفيق ولو قليلاً، ولكني على يقين بانها لحاجة في نفس يعقوب قضاها واننا موقنون.