سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

نجنا من الشرير!

الحكم على الآخرين والتحدث عن أمور لم نخضها بثقة مطلقة، من الأشياء التي نقابلها في العديد من الأشخاص حولنا طوال الوقت، ومن الأشياء التي ظهرت بقوة بعد إستخدامنا المُفرط لوسائل التواصل الإجتماعي.

وسائل التواصل الإجتماعي من هذه الناحية أثرت بشكل كبير فينا، فبعدما كنا نتحدث في دوائرنا المغلقة وبين قلة من معارفنا، أصبحنا نكتب وننشر على الملأ ما نراه صواب من جانبنا، وأصبحنا نرى أنه من المهم أن يكون لنا رأي في كل ما يحدث من حولنا في أي مكان في العالم؛ فأصبحنا نعلق على أي شيء وكل شيء.

التكنولوجيا بالطبع لها أثرها الكبير على حيواتنا منذ ظهرت وفي كل تطور، ولكن في النهاية هي لم تجعلنا ما نحن عليه، ولم تخلق فينا هذه الصفة التي أرى إنها عززت وجودها ليس إلا.  قبل ظهور المنصات كنا نحكم على الآخرين بدون أي فارق سوى وجود المنصات التي جعلت كلماتنا أقوى وتأثيرها أوسع.

أصبحنا نستيقظ لنحكم على الآخرين في كل تصرف صغير كان أو كبير تبعاً لمنظورنا ولما عايشناه في الحياة. أصبحنا نحكم على ديانتهم وزيجاتهم وعلاقتهم الشخصية، حتى على طريقة تعبدهم وفقاً لما نراه مناسب دينياً لنا. قد يكون هذا مقبول لو قررت بناء على ما تعرفه من سيدخل عالمك الخاص ومن سيكون مقرب، ومن ستكون علاقتك معه سطحية. حتى هذه النقطة كل ما سبق من حقك، ولكن ما يحدث هو العكس، فنحن نخبر الآخرين طوال الوقت بما عليهم أن يفعلوه. نختار لهم أصدقائهم وشركائهم في الحياة، بل ونحدد لهم كيف عليهم أن يشعروا حيال أي شيء مر بهم مهما كان صعب أو كارثي، وإلا فإننا وفي لمح البصر نحملهم مسئولية كل ما حدث وتبعاته بناء على قراراتنا نحن التي تختلف باختلاف تجاربنا الشخصية التي قطعاً لا تصلح قاعدة لإطلاق الأحكام أو تخولنا للتصرف على النحو الذي نتصرف به.

صحيح المنصات والتواصل بأشكالها المختلفة جعلت العالم قرية صغيرة كما يقولون، ولكنها كما قربتنا وقدمت لنا العديد من المواضيع والمعلومات التي لم نسمع بها من قبل جعلتنا ندرك أننا لا نعرف إلا القليل. جعلتنا ندرك أن أمامنا الكثير لنعرفه ونتعلمه حتى لحظاتنا الأخيرة.

لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بأن عليك أن تقوم بنصح أحدهم، أو تقدم له عصارة خبرتك التي تعتقد إنها حل لكل المشاكل وسبب خلاصه مما يعانيه، تذكر أن لكل منا عالمه وقواعده وظروفه التي لا نعرف عنها أي شيء، وربما إذا حدث ووقعنا في نفس المأزق سلكنا الطريق نفسه بدون زيادة أو نقصان. تذكر في النهاية إننا بالرغم من إختلافنا وتنوعناً نتشابه. ومن أصدق ما عبر عن كل ما سبق إحدى أيات الكتاب المقدس التي تقول:

“لا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير.”