ياسمين غُبارة
ياسمين غُبارة

د

لماذا أكتب؟

لماذا أكتب؟ ..

هل أكتب لأعبر عن نفسي؟!

هل أكتب لأفرغ ذهني؟!

  أكتب لأشعر بذاتي، أم أكتب لأتحدث؟!

 الإنسان لديه احتياج للتعبير، للخلق، للعمل، هناك في أعماقنا ذلك الإلحاح ، وكل منا بداخله إلحاحه الخاص الذى ينطوى على دورٍ أو بصمةٍ له فى جدار الحياة  تنتظر منه إقبالاً وسعيًا .. يدفعه ذلك الطنين فى ذهنه إلى علمٍ يدرسه، أو عملٍ يعمله، أو فنٍ يُبدعه، أو خيرٍ وعطاءٍ يجود به .. ولكن، لماذا قد لا نستجب إلى ذلك النداء، إلى ذلك الدافع الخفى الذى يقودنا إلى طريقٍ فى الحياة؟! ، هل يكون  السبب هو الكسل، أم عدم وضوح الرؤية، أم الظروف؟. 

أتَذَكّر تلك المرأة التى لم تستطع أن تُكمل تعليمها الجامعي، وظل ذلك يُلِح عليها ولم تتخلص من الإلحاح إلا عندما التحقت بالجامعة المفتوحة فى نفس العام الذى بدأت  فيه ابنتها سنوات الجامعة .. أتذكر تلك السيدة التى تقوم بِنَسج ملابس لأولادها وأحفادها، وتبدع بخيوط الصوف كل ما يخطر ببال؛ فيقترح عليها ابنها قبل دخول الشتاء مباشرةً أن تنسج ملابس صوفية لسبع بناتٍ فى ملجأ قريب من بيته، تلمع عيناها وتتحمس وتبدأ بالعمل _رغم سنواتها التى قاربت على السبعين_  وهى تدرك تمامًا أنها تقوم بشىءٍ مهم يتخطى أسرتها الكبيرة التى قد لا يحتاج كل أفرادها إلى هذه المنسوجات، ولكن هؤلاء البنات بالتأكيد ستكون كل قطعة تنسجها لهم هي فرحة وأمل فى الحياة .

لا أستطيع أن أنسى “أهداف سويف” الكاتبة  المصرية التى أبدعت أعمال كثيرة؛ إلا أنها لم تشعر بأهمية ما تفعله وبتأثيره المباشر إلا عندما تم تكليفها بالكتابة عن فلسطين  من خلال رحلة تجول فيها بين الأهالى الفلسطينين، تستمع إليهم، تختزن من خلال جلساتها معهم المشاعر والأفكار والروح، وتعبر بقلمها فقط عن وجع شعب بالكامل .

أحيانًا يكون دورنا فى هذه الحياة ومسارنا فيها واضحًا يرتدى ثياب القوة والثبات، لا يحتمل التردد أو التشتت، وأحيانًا لا نرى من دورنا إلا أشعة متفرقة تحجبها أخشاب النوافذ المغلقة .

تلك اللحظة التى تنقشع فيها الحجب والحواجز النفسية والفكرية، ويتضح فيها الطريق فى أبهى وأنقى صورة، تلك هي اللحظة التى ينشدها كل إنسان ويسعى جاهدًا ليضع ذلك الحِمل _الذى خُلِقَ به_ قبل أن يرحل .