ملاك العامري
ملاك العامري

د

كوابيس وردية

هذا النص الصغير، أهديه للحياة ولأطفالي ولمن سيأتي من بعدي….. 

أكتب كلماتي هذه في لحظة من الصفاء الخالص، لحظة من إتزان الفكر والشعور، بعد أن مررت على الكثير من التجارب التي كونتني لأبدو على ما أنا عليه الآن، وأصنف هذا النص أنه ليس نصًا أدبيًا إنما خلاصة تجارب، وحكمة اهتديت لها في هذه الحياة.

الوفرة:

علمتني رحلة الكسب والخسارة إحساس الوفرة تجاه الفرص، والأشياء، والأشخاص، والأموال.

لم تنقطع الأيام بعد، وهناك المزيد من كل شيء والحياة لازالت تمنحنا الكثير لنكون أفضل، فلا تأسى على خسارة أي شيء.

الأشخاص الذين يكبرونك سنًا، كنز ثمين عليك اكتشافه:

في حضرة من يكبرونك سنًا ومعرفة، انصت.. أكثر مما تتكلم، وكلما علمت شيئًا أعلم أنك لم تتعلم بعد، هناك المزيد، تعلم منهم قبل أن تعلمك الحياة الدرس بقسوتها الجارحة.

المساحات، درع حامٍ:

أول مادرسته في تخصصي علم الإجتماع كانت عبارة: 

The Social relationships are very complicated.

وكانت تعني العلاقات الإجتماعية معقدة جدًا، ولأنني واسعة العلاقات استطيع أن أقول بأن المساحة مهمة جدًا في الحفاظ على علاقاتك، كلما قرّبت الآخرين منك ازدادت فرصة خسارتهم. 

والخيبة ما هي إلا نتيجة ثقة كبيرة بين شخصين. 

الإتزان يخفف وطأة الصدمات

لا تبالغ في شعورك، وعطاءك وكرمك وحبك وآمالك وحماسك، اجعل سقف توقعاتك من كل شيء ما في المنتصف، حتى إذا ما جرت الرياح بطريقة عكسية تصبح حدة وطأتها على روحك أخف؛ لتمنح نفسك مساحة اُخرى من التراجع.

لا تبهرك المظاهر البرّاقة:

كل الأشياء التي في حياتي تحمست لمعرفتها أصبت بالخيبة بعد أن فتشت عن أعماقها، وكلما اقتربت من الأشياء اكتشفت عيوب صغيرة لم تُظهرها الصورة البانورامية الكبيرة. 

كل من عليها فان“:

كل شيء سينتهي حتمًا، مهما طال أمده، استعد لنهايات الأشياء السعيدة والحزينة كذلك، تقبلها بحماس البدايات مهما كان وقعها.

التوكل، نسختك المرتاحة:

استند واسترخي، كل مايحدث كان يجب أن يحدث بهذه الطريقة، إنها قصتك، ولكي تكتمل الحكاية لابد أن تحدث الأشياء كما هو مقدر لها أن تكون، وكل مافي الأمر خير مهما بدا ظاهره.

لقد عشت سبعة وعشرون عامًا من الألم والسعادة، والحكايا الطويلة، مررت على قصص الكثيرون، سافرت إلى كل أنحاء العالم، وارى حياتي مقارنةً بأقراني عبث ومشاكل وتجارب حلوة ومرة، فأُهاتف صديقه في نفس سنّي؛ لأحكي لها كمّ الأحداث الهائلة التي حدثت في شهرٍ واحد ولم يستطع عقلي استيعابها، فتخبرني انها قضت هذا الشهر الكامل بإنهاء مشاهدة مسلسلها التركي، فأتساءل: لماذا كُنت أنا يا الله؟ 

وفي حوارٍ عابر أخبرني صديق أن ما يحدث معي من صعود ونزول يشبه تخطيط نبضات القلب وهذا يعني أنني أحيا، والآخرون الذين لا يمرون بشيء، كأن تخطيط نبض حياتهم خطٌ مستقيم، هم أموات على قيد الحياة، وعزائي في مرارة التجارب أنني سبقت عمري كثيرًا وكسبت التوازن، استطعت من خلال الألم تكوين سعادات صغيرة من خلال اقتناص الدروس لتسهيل المستقبل.

وما كتبته في الأعلى ليست إلا خلاصة سنوات من الألم لم يطوها النسيان بعد.

ملاك

27-7-2022

Jeddah-alfaysaliah 

في لحظة من الصفاء الخالص.