سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

كل شيء أو لا شيء

نحيا لترك بصماتنا في الحياة، ليستمر من بعدنا على خطانا كما فعلنا، وليتذكرنا الآخرون في النهاية.

عادة الأشياء الزوال، وعادتنا النسيان. ولكن حتى لو نسينا من سبقونا، أولم نتذكر أسمائهم وصورهم، فها نحن نحيا في رخاء وبشكل أفضل بسبب ما تركوه لنا وما فعلوه من أجلنا، أو من أجل مجدهم الشخصي، أو من أجل العلم.

المهم أن آثارهم ملحوظة ومحسوسة، ومع مرور الوقت يصبح التخلي عنها والعودة للوراء مرة آخرى غير محتمل أو مقبول. وكما فعل من سبقونا وعملوا على ترك أنوارهم التي أضأت لنا الطريق، علينا أن نفعل بالمثل، وأن نهتم بالآخرين إلى جانب أهتمامنا بترك شيء يخبر بأننا كنا هنا في وقت من الأوقات. أن يكون لنا الآثر الذي يجب أن يستمر ويمتد حتى تنتهي حيواتنا وهكذا.

والآثر لا يجب أن يكون إختراع عظيم، أو إكتشاف غير مسبوق، أو أي شيء مما لا نقدر على تأديته. فإلى جانب المخترعين العظام والمكتشفين من حولنا مهم أن نكون أثرياء في كل المجالات، وأن نهتم بكل الجوانب، فيفعل كل منا ما هو قادر على فعله ويقدم أقصى ما عنده في الشيء الذي يبرع فيه حتى تستمر العجلة في الدوران، ونكون قد أتممنا دورنا الذي جئنا لنؤديه.

مطالبون نحن بتقديم الكثير، كما تلقينا الكثير. ولبعضنا أدوار أهم وأعظم من البعض الآخر، ولكن هذا لا يلغي أهمية أي دور أو ضرورة وجوده.

قد نتخاذل في أحياناً، أو نشعر بعدم أهمية ما لدينا لنقدمه مقارنة بما يفعله من حولنا، وقد يشعر من هم في مكانة أعلى بأننا مجرد تروس صغيرة قابلة للإستبدال أو الإستغناء عنها لو لزم الأمر. وقد يرى بعضنا أن كل ما هو محيط من بشر واشياء ليس إلا خلفية وضعت لنا خصيصاً لنستطيع أن نحيا بالشكل اللائق، وباستثناء هذا لا أهمية لأي شيء أو شخص سوى أنفسنا وما نهتم به، وبالتبعية بدلاً من أن نقدم لأنفسنا وللغير نصبح مجرد عقبة في طريق الأمور، فلا نهتم بأي شيء سوى أفكارنا الغبية التي ننساق ورائها في تلك اللحظة متناسين أهدافنا التي تخلينا عنها في اللحظة التي بدأنا فيها نفقد الشغف، ونفقد الدافع لفعل أي شيء سوى شغل أوقاتنا بأي هراء حتى تنتهي.

قد نتخاذل عن أداء أدوارنا أو نترك غيرنا يتكفل بما علينا فعله، وقد نستغل المحيطين بنا لنحظى بالتجربة كاملة بدون أن نشترك بها كما فعل المحيطين، أن نستخدمهم غير مهتمين بما يمروا به، وبما عليهم تأديته لأننا حتى في لحظات الحمق الخاصة بنا نظل في المقام الأول، ونظل أول الأولويات،  أن نحصل على كل شيء أو اللا شيء،  فنصبح عقبة بالفعل يجب الإستغناء عنها فضررها أكبر من نفعها، وهذا ما لا يمكن لأي أحد قبوله أو التعامل معه.

المقبول أن نمر بلحظات تخاذل أو ضعف، أن نشكك في أنفسنا وبما علينا فعله، أن لا ندرك بوضوح معالم الطريق الذي علينا أن نسير فيه أحياناً. لكن للحظات أو أيام، لا أن نقضي كل الحياة في شك حتى ينتهي بنا الحال لا نتذكر أي شيء عن أنفسنا ناهيك عن ترك أية آثار لللاحقين من بعدنا.