هدير طارق البدوي
هدير طارق البدوي

د

فلنُقلل سرعة دوران العجلة، قليلًا فقط ربما

بدأ يومي البارحة في الرابعة فجرًا، استيقظت، حضرتُ قهوتي، التي أحاول أن أمتنع عنها، وبدأت في مراجعتي أو ربما مذاكرتي لاختبار مادة المراجعة، في التاسعة بدأت في تجهيز أشيائي، صنعت إفطاري وتناولته، وتوجهت للاختبار، انهيت اختباري، والذي لم يكن جيدًا جدًا إن انتابكم الفضول، وبدأت العجلة في الدوران.

قابلتُ بالمصادفة صديقة لم أكن رأيتها منذ مدة لا بأس بها، أردتُ التحاور معها في مواضيع شتى إلا أنني اضطررت للإستئذان باكرًا لأنه كان لدي موعد مع صديقة لم أقابلها سابقًا، كانت هذه المرة الرابعة لمحاولتنا إحتساء القهوة معًا ولم يكن الحظ _إن كنت تؤمن به_ في صفنا فلم نتمكن من أن نتقابل هذه المرة أيضًا. إلا إنني وجدت صديقة أخرى ترسل إليّ رسالة تعبر عن رغبتها في إحتساء القهوة معًا، فوافقتها، بسبب مشكلة ما في المواصلات، أو ربما بسبب حِس صديقتي السيء للغاية بالاتجاهات تأخرت عن موعدها معي لـ نصف ساعة، في العادة لدي مشكلة في المواعيد، من أكثر ما قد يتسبب في ضيقي هو عدم الإلتزام بالمواعيد، عدم الإلتزام بوجه عام ولكن عدم الإلتزام بالمواعيد له مكانة خاصة في سلسلة ما قد يتسبب في ضيقي. بغض النظر، لأنه كان لدي موعد آخر في نهاية اليوم وبسبب تأخر صديقتي الغير مقصود لم أتمكن من الجلوس معها لفترة كافية، تناولنا قهوتنا وأضطررت للإستئذان لأتمكن من اللحاق بموعدي.

وصلت موعدي متأخرة، وهو كما أخبرتكم أكثر ما قد يتسبب بضيقي، ولأنه لا أحد يحترم مواعيده _لا أقصد التعميم ولكن حقًا لم أقابل أحدًا ممن يحترم مواعيده منذ فترة_ بقيت في إنتظار موعدي، والذي أنا بالفعل متأخرة عليه، لما يقارب الساعة ونصف.

خلال يومي حدثتني والدتي ثلاث مرات، أخبرتني في المرة الأولى ألا أتأخر ولكن هيهات، كما أخبرتني أنها تحتاج مني إحضار بعض الحلوى في طريقي للمنزل لأننا سنتحفل بيوم مولد جَدي. في الثانية أخبرتني أنها تنتظرني لنتناول الطعام معًا، فهو يوم الجمعة واليوم الوحيد الذي قد نتمكن من التجمع كأسرة واحدة به، ولا أعلم لم قد يضعون موعدًا للإختبار يوم الجمعة! ولأنه عيدنا كانت أمي مُحضرة (المحشي)، لا أستطيع التصديق أنني اضطررت إلى تناوله باردًا. وفي الثالثة كانت تخبرني انه إن لم أكن في المنزل خلال نصف ساعة فإن “يومي مش هيعدي على خير.”

أكتشفت أن إرهاقي وعدم حصولي على كفايتي من النوم بدأوا في إظهار نتيجتهم ولقد بدأت في التعب، كما أن عدم تناولي للطعام لم يساعد في ذلك، والذي كان سببه الرئيسي هو عدم إيجاد الوقت الكافي لذلك! أكتشفت أيضًا أنه لازال من المفترض عليّ إحضار الحلوى، وأنه لدي عدد من المهام الاخرى، ثلاث بالتحديد، يجب عليّ القيام بها قبل دخولي منزلنا، إلا إنه لخوفي ألا (يعدي يومي على خير)، ولإرهاقي، ولأنني كنتُ بالفعل قد تأخرت عن الموعد الذي يجب على الفتاة المحترمة المهذبة ألا تدخل منزلها بعده، أخترت عدم القيام بأي منها وفضلت حجرتي على أي شيء آخر.

بمجرد ما أخترت المنزل، أكتشفت أنه هناك المزيد من المهام في إنتظاري! فعليّ أن أساعد أبي في عمله، وأمي في أعمال المنزل، كما أنه مطلوب مني بعض الأعمال فيما يخص وظيفتي والتي كنتُ قد أجلتها بسبب الاختبار، وأيضًا هناك المزيد من الإختبارات والتي تتطلب المزيد من المراجعة، كما إنني في حاجة النوم، فبعد كل شيء لقد أستيقظت في الرابعة فجرًا، أحسست وقتها بالاحتياج لكتاب أقرأه، أو لأن أرسم فقد غطى التراب أدواتي، أو أن أكتب، أكتشفت أنني في حاجة لأجازة من الأجازة.

أعتقد إنه قد أصابكم الملل، أعتذر لذلك، ها أنا ذا أصل لغايتي من هذه الحكاية، والتي كانت كل أحداثها حقيقية بالمناسبة. متى سينتهي كل هذا؟ متى ستتوقف العجلة عن الدوران؟ متى سأتوقف أنا عن الجري؟

أخبرتني صديقة أمس، عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعي، فلم يكن في يومي دقيقة واحدة متبقية لأقابلها وجهًا لوجه، أن من أعتاد “المرمطة” لن يتمكن من التوقف عنها. لا أظن أنني قد أرتاح أو أن أقبل بالفراغ واللاشيء، إلا إنني أود أن أحصل على القليل من الهدوء فقط، أن أجد الوقت الكافي لما أريد إنجازه، أن أقابل أصدقائي وأتحدث معهم كما يحلو لي، أن أنهي عملي وأساعد والدتي وأمارس هواياتي. لا أريد التوقف، أريد فقط أن أُهدأ من سرعة حركتي، فقط قليلًا، لأتمكن من الاستمتاع بما أفعله، أن أعطي فرصة ومساحة لعجلتي أن ترتاح قليلًا قبل أن تنكسر تمامًا. أنا أحب كل ما أقوم به، أود الآن أن أجرب الاستمتاع به. أعتقد أنني قد حددتُ المشكلة، حددتُ أعراضها، أسبابها، وحلولها أيضًا، إلا إنني فقط لا أعلم كيف أنفذها، فهل من نصائح؟ بخلاف تنظيم وقتي ربما.